للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجواب على هذا أن يقال: إن مثل هذا الإيراد دليل على قلة فهم مُورِده، وأنه لا يُفرِّق بين الغاية والوسيلة؛ فالعلماء لما جاؤوا بالشروط والأركان والواجبات والموانع والمفسدات، وما أشبهها ما أتوا بشيء زائد على الشرع؛ غاية ما هنالك أنهم صنفوا ما دل عليه الشرع؛ ليكون ذلك أقرب إلى حصر العلوم وجمعها، وبالتالي إلى فهمها.

فهم يصنعون هذا لا تعبدًا بذلك ولا زيادةً على شريعة الله، وإنما تقريبًا للشريعة، والوسائل لها أحكام المقاصد، كما أن المسلمين ما زالوا -وإلى الآن- يبنون المدارس، ويؤلِّفون الكتب وينسخونها، وحدث في الأزمنة الأخيرة مطابع تَطبع.

لو قال قائل: ليش تدخل كتابك المطبعة؟ الناس يكتبون بأيديهم في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، ليش تكتب أنت بالمطبعة؟ ليش إذا أعطاك واحد كتاب تبغي تنقله تروح تعطيه للمصور يصوره؟ لماذا لا تكتبه أنت؟ هذا النقل اللي كان معروف عند السلف؟ ماذا نقول؟

نقول -كما قلنا قبل-: هذه وسائل يسَّرها الله -عز وجل- للعباد لتقرب إليهم العلوم، والعلماء -والحمد لله- ما زادوا على شريعة الله، ولا نقصوا منها، وغاية ما يكون أنهم بَوَّبوها؛ فمثلًا إذا قال الرسول صلى الله عليه وسلم: «لَا يَقْبَلُ اللَّهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طُهُورٍ» (١١)، كل يفهم الآن أنه إذا صلَّى بغير طهور فصلاته؟

الطلبة: باطلة.

الشيخ: باطلة؛ إذن الطهور شرط لصحة الصلاة، لا فرق بين أن أقول: يشترط لصحة الصلاة أن يتطهر الإنسان، فإن لم يتطهَّر فلا صلاة له، أليس كذلك؟

الطلبة: بلا.

الشيخ: ما زدنا الآن. صلَّى إنسان في المقبرة، قلنا: صلاتك فاسدة؛ من مبطلات الصلاة أن يصليها الإنسان في المقبرة، الرسول قال كذا، قال: من مبطلات الصلاة أن يصليها الإنسان في المقبرة؟ ما قاله، لكن قال: «الْأَرْضُ كُلُّهَا مَسْجِدٌ إِلَّا الْمَقْبَرَةَ وَالْحَمَّامَ» (١٢)؛ إذن نعرف لو صلَّى الإنسان في المقبرة؟

طالب: صلاته باطلة.

<<  <  ج: ص:  >  >>