ثانيًا: أن الصحابة أجمعوا على قتله كما حكاه غير واحد من أهل العلم، أجمعوا على أنه يُقتل، لكن اختلفوا؛ فمنهم من قال: يحرق، وهذا القول مروي عن أبي بكر، وعلي بن أبي طالب، وعبد الله بن الزبير، والرابع أظنه هشام بن عبد الملك، أو عبد الملك بن مروان (٩) أحدهما يعني اثنان من الخلفاء الراشدين: أبو بكر، وعلي بن أبي طالب.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما: بل يُنظر إلى أعلى مكان في البلد، ويُرمى منه مُنكَّسًا على رأسه ويُتبع بالحجارة (١٠). لأن الله فعل ذلك بقوم لوط على ما في ذلك من نظر، لكن المشهور ( ... ).
وقال بعض العلماء: بل يرجم حتى يموت؛ لأن الله أرسل على قوم لوط حِجارة من سجيل، وكونه رفع بلادهم، ثم قلبها، هذا خبر إسرائيلي، لا يُصدَّق ولا يُكذَّب، لكن الثابت أن الله تعالى أرسل عليهم حجارة من سجيل، وجعل عاليها سافلها، يعني لما جاءت الحجارة تهدَّمت، وصار العالي هو السافل، فهم يُرجمون رجمًا بالحجارة؛ فهذه ثلاثة أقوال في وصف إعدام اللوطي.
أما الدليل النظري على وجوب قتله؛ فلأن هذا مفسدة اجتماعية عظيمة تجعل الرجال محل النسوان، ولا يمكن التحرز منها، كيف لا يمكن التحرز منها؟ لأن الذكور بعضهم مع بعض دائمًا، فلا يمكن أن نتحرز منها، لو وجدنا مثلًا رجلًا مع فتى ما نقدر نقول: اترك الفتى، ويش اللي جابك له؟ لكن لو نظرنا رجلًا مع امرأة، وشككنا هل هي من محارمه أم لا ممكن أن نسأل ونبحث، فلما كان هذا الأمر أمرًا فظيعًا مفسدًا للمجتمع وأمرًا لا يمكن الخلاص منه والتحرز منه؛ صار جزاؤه القتل بكل حال، وهذا القول هو القول الصحيح، ولكن لا بد من الشروط الأربعة السابقة في وجوب الحد.
فإذا قال قائل: هل نُحرِّقهم، أو نرميهم من على شاهق ونرجمهم، أو نرجمهم رجمًا؟