للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقولون: ما يمكن يُكْرَه الرجل على الزنى؛ لأنه ما يمكن يجامع إلا بانتشار، ولا انتشار إلا بإرادة، والإرادة رضا ولّا إكراه؟

طلبة: رضا.

الشيخ: رضا، فلذلك لما لم يُتَصَوَّر الإكراه في حقه صار الحد واجبًا عليه، ولا يعارض هذا الحديث: «وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» (١) لأننا نقول: هذا الرجل ما استُكْرِه، أخيرًا رضي.

ولكن القول الراجح -بلا شك- أنه لا حد عليه، وأن الإكراه موجود.

الرجل يقال: افعل بهذه المرأة وإلّا قتلناك، وتأتي أمامه بثياب جميلة، وهي شابة وجميلة، ويمكن ( ... )، نقول: ما يكره؟ ما ( ... )، هذا من أبلغ ما يكون من الإكراه.

ومهما كان، الإنسان بشر، والصواب بلا شك أنه لا حد عليه، وإذا لم تكن مثل هذه الصورة من الشبهة فأين الشبهة؟ هذه الشبهة الحقيقية.

رجل معروف بأنه إنسان تقي، وبعيد من الشر، وعفيف، ولا أحد يمكن أن يجرحه بشيء، ويجيء واحد من عباد الله من شياطين الإنس يُكْرِهه على أن يزني بامرأة ويهدده بالقتل، وهو يمكن أن يقتله، ثم يزني بدافع الإكراه، لا لرغبة في الزنى، ونقول: والله هذا يجب أن يقام عليه الحد؟

له زوجة وسبعة أولاد وثلاث بنات وبيت، وبعدين نرجمه ( ... )؛ لأنه لا يُعْذَر بهذا الإكراه، وقد زنى في هذه الحال!

والصواب -بلا شك- أن الإكراه في حق الرجل ممكن، وأن الإنسان بشر، فإذا أُكْرِهَ على الزنى فإنه لا حد عليه.

ولكن الْمُكْرِه يُحَدَّ حد الزنى؟

طلبة: يُعَزَّر.

الشيخ: يُعَزَّر، إي نعم، ولا يُحَدّ حد الزنى؛ لأنه ما زنى.

فإن قلت: مَرَّ علينا في القصاص أنه إذا أَكْرَه إنسانٌ رجلًا آخر على قتل إنسان فالضمان عليهما جميعًا؛ على المكرِه والمكرَه؟

طلبة: ( ... ).

الشيخ: إي، نقول: هذا قصاص، ولهذا لو تمالأ جماعة على قتل إنسان قُتِلُوا جميعًا، لكن لو تمالأ رجال على أن يزنوا بامرأة، فزنى واحد فقط؟

طالب: أقيم الحد ..

الشيخ: أقيم الحد على الزاني فقط، ففرق بين هذا وهذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>