للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شرب الخمر: مَن يقول: فلان شرب خمرًا؟ إذا قيل: فلان شرب الخمر، انتشر خبره في جميع آفاق البلد، المملكة كلها، ورأوا ذلك أمرًا عظيمًا، والآن كما تشاهدون؛ يُذْكَر لنا أنه يوجد عند بعض الناس في الثلاجات كما توجد المشروبات المباحة -والعياذ بالله-.

كل هذا مع كثرة الوقوع، فإذا إنسان أَقَرّ بالزنى ورجمناه مثلًا أو أقمنا عليه الجلد، فهذا ربما يسري في الناس ويتساهلون به، فلهذا احتطنا في الإقرار، فقلنا: لا بد أن يكون أيش؟

طلبة: أربعًا.

الشيخ: أربعًا، حتى إذا جاء ظانًّا أنه زنى قلنا: ما زنيت أبدًا.

لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال لماعز: «لَعَلَّكَ قَبَّلْتَ، أَوْ غَمَزْتَ، أَوْ نَظَرْتَ»، ولكنه يقول: لا، إنه زنى. (٤) هذا هو دليل هذه المسألة، أنه لا بد من تكرار الإقرار أربعًا.

وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يُشْتَرَط الإقرار أربعًا، وأن الإقرار بالزنى كغيره، إذا أَقَرّ به مرة واحدة وتمت شروط الإقرار بأن كان بالغًا عاقلًا ليس فيه بأس فإنه يثبت الزنى.

واستدلوا بعموم قوله تعالى: {كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥]، وهذا شاهد.

واستدلوا من السنة بقول النبي صلى الله عليه وسلم لأُنَيْس -رجل من الأنصار-: «اغْدُ يَا أُنَيْسُ إِلَى امْرَأَةِ هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا». (٢)

واستدلوا بالنظر؛ بأنه إذا أقر على نفسه فإنه بالمرة الواحدة يثبت؛ لأنه لا يمكن للإنسان أن يُقِرّ على نفسه بأمر يُدَنِّس عِرْضه ويوجب عقوبته إلا وهو صادق فيه، فإذا صدق بإقراره مَرَّةً صح، انطبق عليه وصف الزنى، وإذا انطبق عليه وصف الزنى فقد قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢].

وأما مسألة الإشاعة فالإشاعة لا تزول بتكراره أربعًا؛ لأن الرجل إذا أَقَرَّ أربعًا وصمَّم عليه بَانَ الأمر واتضح.

<<  <  ج: ص:  >  >>