للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فنحن الآن نقيم عليه الحد لأمر هو ينكره!

الآن يقول: نعم، أنا كتبت إقراري وأَثْبَتُّه في المحكمة، لكن الآن هَوَّنْتُ، راجع عن إقراري.

نقول: ما يمكن نقيم عليه الحد، كيف نقيم الحد عليه وهو الآن يقول: ما زَنَى؟ والأمر جاء من قِبَل مَن؟ من قِبَلِه هو، ما دام جاء من قِبَله ما يمكن نحده وهو ينكر الآن.

الأمر الرابع: القياس على رجوع البينة؛ لأنه لو شهد عليه أربعة رجال بالزنى، وحكم الحاكم بإقامة الحد بمقتضى هذه الشهادة، ثم رجعوا، قالوا: والله إحنا شهدنا، ولكن نستغفر الله ونتوب إليه، رجعنا عن شهادتنا، فإنه لا يجوز إقامة الحد عليه؛ لأن رجوع هؤلاء الشهود قَدْح فيهم؛ لأنهم كاذِبون في إحدى الشهادتين أو لا؟

إن كان بالأول فهم كاذِبون فلا تُقْبَل، وإن كان بالثاني فهم كاذِبون فلا تُقْبَل شهادتهم.

فقالوا: إن هذا يقاس عليه، أي أن رجوع الْمُقِرّ عن إقراره يرفع عنه الحد كرجوع الشهود عن شهادتهم.

فالأدلة كم صارت الآن؟

طلبة: أربعة.

الشيخ: أربعة: من السنة، من أقوال الخلفاء الراشدين، والثالث: القياس، والرابع: المعنى.

كيف نقيم الحد على إنسان ينكر ذلك؟

وهذا هو مذهب الإمام أحمد وأبي حنيفة والشافعي، ومالك في بعض الأحوال، وقالت الظاهرية: لا يُقْبَل رجوعه عن الإقرار، ويجب عليه إقامة الحد، وبيننا وبينكم كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، تَقْبَلُون التحاكم إليهما؟

نقبل ولا بد.

قالوا: إن الله عز وجل يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ} [النساء: ١٣٥]، فإذا شهد على نفسه بالزنى فقد قام بالقسط وشهد على نفسه، وصَدَقَ عليه وصف الزاني، وقد قال الله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ} [النور: ٢]، فكيف نرفع هذا الحكم الذي أمر الله به مُعَلَّقًا على وصفٍ ثبت بإقرار مَن اتصف به؟

<<  <  ج: ص:  >  >>