للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدوان الإنسان على نفسه إنه يروح يشهد ويلطخ نفسه بالزنى، ويرضى بالعقوبة وهو كاذب! هذا من أبعد ما يكون.

لكن كذب الشهود ممكن، ولّا غير ممكن؟

طلبة: ممكن.

الشيخ: ممكن، يكونون يكذبون ويشهدون، ثم بعد ذلك يندمون، ويقولون: كيف نشهد؟ نلطِّخ عرضه، ونُعَرِّضه للعقوبة ربما تكون رجمًا، فيرجعون.

فقياس هذا على هذا من أبعد ما يكون.

وأما قولهم: إن المعنى يقتضيه، فكيف نقيم الحد على رجل يصرخ بأعلى صوته إنه ما فعل؟

فنقول: والله ما جنينا عليه، نحن أقمنا عليه الحد بماذا؟ باعترافه، ما جنينا عليه، وكونه يكذب في الرجوع أقرب من كونه يكذب في الإقرار، ولّا لا؟ كذبه في الرجوع أقرب من كذبه في الإقرار؛ لأنه بعيد إن الإنسان يُقِرّ على نفسه بأنه زنى وهو ما زنى، لكن قريب أن يرجع عن إقراره إذا رأى أنه سيقام عليه الحد وهو قد اعترف.

فالقول الراجح عندي في هذه المسألة قول الظاهرية، وأنه لا يُقْبَل رجوعه عن الإقرار.

وأما قضاء الخلفاء الراشدين فأنا ما اطلعت على نصوصه، فربما يكون هناك أشياء تشبه ما وقع لماعز فحكموا بها، فظنها أهل العلم الذين قالوا بهذا القول أنها من باب الرجوع عن الإقرار، وليست رجوعًا عن الإقرار كما عرفتم.

يحتاج أن نقف على النصوص الواردة عن الخلفاء الراشدين؛ لأن مخالفة الخلفاء الراشدين ما هي بالأمر بالهين، ونحن نتهم رأينا في مقابل قولهم.

إنما من حيث النظر في الأدلة فلا شك أن القول الراجح هو قول الظاهرية، ولا سيما إذا وُجِد قرائن تدل على ذلك، مثل لو أن هذا الرجل سارق، ومسكناه، وجاء وأَقَرّ، إحنا ما شهدناه وهو يسرق، سُرِقَ المتاع لكن ما شهدناه، ومسكناه، وقال: نعم، إنه سرق.

قالوا: كيف سرقت؟

<<  <  ج: ص:  >  >>