للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالوا: نحن نشهد على زنى واحد.

قلنا: لا، أنتم ما جئتم في مجلس واحد، هذا هو مذهب الإمام أحمد، وأبي حنيفة، ومالك.

أما الشافعي وجماعة من أهل الحديث فقالوا: لا يُشْتَرَط المجلس الواحد.

ما هو دليل الأول؟

يقول الأولون: لو قَبِلْنَا شهادتهم وهم يأتون في مجالس لكان في ذلك تهمة؛ ربما أن الشاهدين الأولين يذهبان إلى رجلين آخرين، ويُغْرُونَهُمَا بالمال أو بما أشبه ذلك، ويصفون لهم ما شاهدوا، ويقولون: اشهدوا على هذا النحو، ويأتون إلى القاضي في الجلسة الأخرى، صح ولّا لا؟

طلبة: نعم.

الشيخ: ما يمكن هذا؟ هذا ممكن؛ لأنهم إذا أَغْرَوْا هؤلاء بالمال سَلِمُوا من أن يكونوا قَذَفَة فيُجْلَدُوا، وأيضًا حصل لهم ما يريدون من تدنيس عِرْض المشهود عليه.

هذا وجه قول مَن يقول: إنه لا بد أن يكون في مجلس واحد، أما الذين قالوا: لا يُشْتَرَط أن يكونوا في مجلس واحد فقالوا: إن الآية عامة {لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ} [النور: ١٣]، وهؤلاء أربعة شهداء أتوا إلى القاضي وأثبتوا شهادتهم.

فأين في كتاب الله، أو في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتراط أن يكونوا في مجلس واحد؟

وقولكم: إنه يُخْشَى من التمالؤ، ينتقض عليكم بقولكم: إنهم يُقْبَلُون سواء أتوا الحاكم جملة أو متفرقين، أليس كذلك؟ يعني ربما يتمالأ هؤلاء الذين شهدوا في الساعة الأولى مع الذين شهدوا في الساعة الثالثة أو الرابعة مثلًا، ممكن.

ولو أنكم قلتم كما قال أبو حنيفة وجماعة من أهل العلم: إنه لا بد أن يأتوا الحاكم ويدلوا بشهادتهم في مجلس واحد، بمعنى: أنهم إذا جاؤوا متفرِّقين فإنهم قَذَفَة.

يعني عندنا الآن ثلاثة أقوال؛ قول باشتراط المجلس وحضورهم جميعًا، وقول بعدم اشتراط المجلس والحضور، والقول الثالث باشتراط المجلس دون الحضور، وهذا هو المذهب عندنا.

ولكن القولين الآخرين أقرب للقاعدة؛ إما أن نشترط أن يأتوا جميعًا ويشهدوا، وإما ألَّا نشترط ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>