للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: ويكون هذا الحديث فردًا من أفراد الأرقَّاء الذين لا يُجلد الإنسان بهم، والرجل إذا قذف مملوكه يُقام عليه الحد يوم القيامة، وإذا قذف مملوك غيره فإنه يُعزَّر؛ لأنه يسقط بذلك قيمته ورغبته في أعين الناس فيُعزَّر لتفويت هذا المعنى على سيده.

إذن أيها الإخوة، انتهبوا على أن الإنسان إذا قذف غير الحر فلا حد عليه، وإنما عليه التعزير فقط، لماذا؟ لأنه ليس داخلًا في المحصن أصلًا، ولا نطالب بالدليل لعدم دخوله، وإنما يُطالَب بالدليل من أخرج شيئًا ثبت دخوله في العموم، وأما ما لم يثبت دخوله في العموم فإنه من الأصل لم يدخل، فلا يحتاج إلى دليل في إخراجه.

طالب: لكن لو كانا مستويين.

الشيخ: كيف مستويين؟

الطالب: يعني كأن عبدًا قذف عبدًا.

الشيخ: نعم، فليس عليه إلا التعزير فقط، الكلام إذا كان المقذوف عبدًا فإنه لا حدَّ في قذفه؛ لأنه ليس بِمُحصن، أما إذا كان القاذف عبدًا فقد سبق أن أهل العلم اختلفوا فيه، وأن جمهور أهل العلم على أنه لا يُحدُّ ثمانين، وإنما يُحد أربعين، وأن بعض أهل العلم قال: إنه يُحدُّ ثمانين؛ لعموم الآية.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: (وإن فسَّره بغير القذْف قُبِل) (إن فسَّره) الضمير يعود على الكناية (بغير القذف قُبِل)، وظاهر كلام المؤلف أنه يُقبل بدون يمين؛ لأنه لو نكل لم يُقضَ عليه بالنكول، فإذا قال: أنا ما أردت الزنا، وإنما أردت بالقحبة العجوز أو كثيرة الكحة، أو قال: أردت بالخبيثة؛ أي: خبيثة العمل أو الرديئة، أو ما أشبه ذلك، أو أردت بفضحتِ زوجكِ؛ أي أبحتِ سِرَّه أو بُحتِ بِسرِّه، أو نكستِ رأسه؛ يعني نكسًا حسيًّا فجعلتيه إلى أسفل، أو جعلتِ له قرونًا؛ أي جعلتِ له قرونًا من الشعر أو نحو ذلك من الأقران؛ ففي هذه الحال يُقبل، وإذا قُبل فإنه لا يُقام عليه حد القذف، ولكن يعزر لإساءته إلى المخاطَب؛ فهذه إساءة -بلا شك- واعتداء، ولكنه ليس قذْفًا صريحًا ولا كناية منوية، فيعزَّر.

<<  <  ج: ص:  >  >>