للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: أن الصحابة رضي الله عنهم لما تشاوروا في عهد عمر حين كثر الناس، أو حين أكثر الناس من شربه قال عبد الرحمن بن عوف: أَخَفَّ الحدودِ ثمانين (٦). فوافق على ذلك الصحابة، ووجه الدلالة من هذا الحديث أنه قال: أَخَفَّ الحدود ثمانين. ونحن نعلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم ضُرب الشارب في عهده نحو أربعين، وفي عهد أبي بكر أربعين (٧)، ولو كان حدًّا لكان أخف الحدود أربعين.

أيضًا قالوا: أخف الحدود ثمانون أو ثمانين، وهذا يدل على أنه يجوز أن نتجاوز ما كان الشارب يُجلد إياه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان حدًّا ما جازت مجاوزته، ولا استشار عمر الصحابة في الزيادة مع أنه كان رضي الله عنه معروفًا بالوقوف عند حدود الله سبحانه وتعالى، واستدلوا أيضًا بدليل خامس؛ وهو ما صح الحديث به عن عبد الله بن عمرو بن العاص: «إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ»، وذكر ذلك ثلاثًا، ثم قال: «فَإِنْ شَرِبَ الرَّابِعَةَ فَاقْتُلُوهُ» (٨). وهذا دليل على أنه عقوبة تتدرج حتى تصل إلى القتل، ولو كان حدًّا محدودًا لكان الحد فيه لا يتغير، وهذا هو الراجح عندي، وهو أنه تعزير، لكن لا يُنقص عن أقل تقدير وردت به السنة، وأما الزيادة فلا حرج في الزيادة إذا رأى الحاكم المصلحة في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>