للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: إي نعم، صح، (وهو خمر من أي شيء كان) (وهو) أي المسكر خمر؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» (١١). فهو خمر من أي شيء كان، وما وجه تسميته خمرًا؟ بَيَّن وجه التسمية أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: «الْخَمْرُ مَا خَامَرَ الْعَقْلَ» (١٢) أي غطَّاه، ومنه سُمِّي خِمار المرأة؛ لأنه يُغطي رأسها، وعلى هذا فنقول: كل ما غطى العقل على سبيل اللذة والطرب فهو خمر من أي نوع كان، وإنما قال: (من أي نوع كان) ردًّا على من قال: إن الخمر لا يكون إلا من العنب، فإن هذا القول ضعيف جدًّا، ومردود على قائله؛ لأن أفصح من نطق بالضاد محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ» (١١). ولا قال: من العنب.

فكل مُسكِر من العنب، أو الرطب، أو الشعير، أو الذرة، أو البر، أو أي شيء كان فإنه خمر، وداخل في التحريم، وهو مُحرَّم بالكتاب والسنة، وإجماع المسلمين، ما دليله بالكتاب؟ قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: ٩٠] واضح؟ ما وجه الدلالة من الآية؟

قوله: {فَاجْتَنِبُوهُ}، والأصل في الأمر الوجوب؛ ولأنه أضافه إلى الشيطان، فقال: {مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} وما كان من عمل الشيطان فإنه حرام؛ لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النور: ٢١]؛ ولأن فيه إثمًا زائدًا على منفعته، والإثم مُحرَّم؛ لقوله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ} [الأعراف: ٣٣]، فصارت الأدلة على تحريمها من القرآن ثلاثة، اللي ذكرناها الآن ثلاثة، كلها تدل على تحريمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>