طيب (ولا يُباح لتداوٍ) معلوم لا يباح للتداوي؛ لأننا نعلم علم اليقين أنه لا دواء فيه، وإنما هو كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:«إِنَّهَا دَاءٌ وَلَيْسَتْ بِدَوَاءٍ»(١٥). ولو كانت دواء ما حرمها الله على عباده؛ فإن الله لا يحرم على عباده ما كان نافعًا لهم بغذاء ولا دواء؛ إذن فلا يُباح شربه للتداوي.
طيب (ولا لعطش) ما يباح شربه للعطش؛ رجل هالك من العطش إلى آخر رمق، وعنده كأس من الخمر، فقال: إنه يريد أن يشربها من العطش، يجوز؟
طلبة: لا، يزيد العطش.
الشيخ: إي نعم، ما يجوز؛ لأنهم يقولون: إنه يزيد العطش؛ فلا يروي غليلًا، ولا يشفي عليلًا، بل يزيد؛ إذن لا يباح للعطش.
(ولا لغيره) لغير ذلك كالمفاخرة والاختبار، وما أشبه ذلك إلا في حالة واحدة قد تكون نادرة، لكن قد تقع (إلا لدفع لقمة غَصَّ بها ولم يحضره غيره) مسألة غريبة يعني شوف العلماء رحمهم الله كيف يعني تذهب أفكارهم إلى هذا الأمر البعيد؟ نعم، مثلما يذهب بعض الشعراء إلى أمر بعيد وخيال بعيد كقول الشاعر:
بَلِيتُ بِلَى الْأَطْلَالِ إِنْ لَمْ أَقِفْ بِهَا
وُقُوفَ شَحِيحٍ ضَاعَ فِي التُّرْبِ خَاتَمُهُ
ويش تقولون في ها التمثيل هذا؟ طيب يقول الرجل:
(بَلِيتُ بِلَى الأطْلال)؛ أطلال مُحبِّه، هو يحب امرأة، وأطلالها ما تخلف من بيوتها ودارها.
(إِنْ لَمْ أَقِفْ بِهَا)؛ أي بهذه الأطلال. (وُقُوفَ شَحِيحٍ) الشحيح البخيل بالمال، الممسك له، الحريص عليه. ضَاعَ في التراب خاتمه؛ خاتم الشحيح غالٍ عليه ولَّا لا؟
طلبة: غالٍ.
الشيخ: غالٍ جدًّا، وضاع بالتراب بيكاد يبحث في هذا التراب أبد الآبدين.
طلبة: ينخله.
الشيخ: كيف؟
طلبة: يعني ينخل التراب.
الشيخ: ينخله وينخله مرة ثانية وثالثة، يقول: لعل نجده، فنقول: هذه المسألة أو الصورة التي ذكرها الفقهاء رحمهم الله مما يدل على أنهم يتعمقون في تصوير المسائل حتى النادرة.