للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعَلَّلَ ذلك بأمور كثيرة وقعت في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام وترك التأديب عليها، وبأن المقصود التأديب، وكثير من الناس إذا مَنَنْتَ عليه وأطلقته يكون هذا الإطلاق عنده أكبر من التأديب، يرى لهذا الإطلاق محلًّا ويمتنع عن المعصية، أشد مما لو رُحْتَ تضربه، يمكن لو تضربه أمام الناس يمكن عاد يعاند ويعود إلى المعصية، لكن لو تَمُنّ عليه صار ذلك أقوم له.

ولهذا في الأسرى مر علينا في الجهاد أنه يجوز للإمام أن يَمُنّ عليهم، {فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً} [محمد: ٤] حسب ما تقتضيه المصلحة.

فهذا الرجل ربما إذا أتينا به وقلنا: يا أخي، هذا ما ينبغي من مثلك، وأنت رجل بالحقيقة يشق علينا أن نؤدبك أمام الناس، أو أن نظهر تأديبًا لك، ولكن نظرًا لمقامك وحالك فإننا نريد أن نسمح عنك، وننصحك أن تعود لمثله، هذا ربما يكون في نفسه أنفع مما لو ضربناه أسواطًا في السوق.

والصحيح أنه ليس بواجب على الإطلاق، وأن للإمام أو لِمَن له التأديب أن يسقطه إذا رأى غيره أنفع منه وأحسن.

قال: (في كل معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة).

قوله: (في كل معصية) إن أراد بالمعصية ما يقابل الطاعة ففيه نظر؛ لأن الإنسان قد يُعَزَّر على ترك الطاعات، ما هو على المعاصي.

وإن أراد بالمعصية المخالفة مطلقًا فهذا صحيح، إن أراد بالمعصية أيش؟

طالب: ما يقابل ..

الشيخ: ما يقابل ..

الطالب: الطاعة.

الشيخ: الطاعة، فليس بصواب، وإن أراد بالمعصية مخالفة الأمر، فيشمل فعل المعصية وترك الطاعة، فكلامه صحيح، ذلك لأنه ثبت التأديب على ترك الواجب: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا» (٧)، هذا يشمل على فعلها أن يفعلوها ولا بد، وهذا تعزير على أيش؟

طلبة: على ترك واجب.

الشيخ: على ترك الواجب.

<<  <  ج: ص:  >  >>