ومن المعلوم أن في التعزير تحصيلًا للمصالح وتقليلًا للمفاسد، يقول الله عز وجل مُقَرِّرًا هذه القاعدة: {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة: ٥٠]، ويقول جل وعلا: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ} [التين: ٨].
أما الأدلة الخاصة فإنها أدلة متناثرة، مثل ما أشرنا إليه قبل قليل من قول الرسول عليه الصلاة والسلام: «مُرُوا أَبْنَاءَكُمْ بِالصَّلَاةِ لِسَبْعٍ، وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا لِعَشْرٍ». (٧)
ومثل: تحريق رَحْل الغالِّ من الغنيمة (٩)، فإن هذا تعزير ولّا لا؟
الغالُّ من الغنيمة، مَن هو الغالُّ من الغنيمة؟ الذي يكتم شيئًا مما غنم هذا يُحْرَق رَحْلُه؛ لأنه غَالٌّ.
ومثل كاتم الضالة، الضالة الضائعة يعني البعير إذا ضاعت وكتمها، فإنه يضمن قيمتها مرتين.
ومثل مَنْ عطس ولم يحمد الله فإننا نُعَزِّره، بماذا؟ ما نقول: يرحمك الله، حرمناه من شيء يحبه.
ولهذا كان اليهود عند الرسول صلى الله عليه وسلم يتعاطسون ويحمدون الله، علشان يقول لهم الرسول صلى الله عليه وسلم: يَرْحَمُكُمُ اللهُ، لكن ما يقول: يرحمكم الله، يقول: «يَهْدِيكُمُ اللهُ». (١٠)
وهكذا الكافر إذا عطس وحمد الله لا تقل: يرحمك الله، قل له: يهديك الله، وإذا هداه الله رحمه.
إذن صار التعزير فيه دليل عام، وأدلة خاصة.
الرسول صلى الله عليه وسلم ما قال: كل معصية لا حدَّ فيها ولا كفارة فأَدِّبُوه فيها، ما قال هكذا، لكن نرى قضايا متعددة فيها التعزير، ويمكن أن نأخذ من هذه الأفراد هذه القاعدة التي ذكر المؤلف.
طالب: قول المؤلف: (وأربعون مع الرِّقّ)، هل هذا القول راجح ولّا مرجوح؟
الشيخ: الظاهر أن هذا قول راجح.
الطالب: لماذا؟
الشيخ: لأنّا رأينا أن الزنى من أعظم ما يكون من الفواحش، نصَّف الله فيه العقوبة.
طالب: ( ... ).
الشيخ: حتى العبد، على ما عليه الجمهور.
الطالب: على الراجح الترجيح إنه ما عليه.