الشيخ: لا؛ لأن هذا خلاف مقصود الشارع، ليس مقصود الشارع الإيلام فقط حتى نقول: إنه حصل بقطعها، مقصود الشارع أن يبقى وليس له يد، إذن ما أثير منذ شهور حول إعادة يد المقطوع بالسرقة نقول: هذا ليس بصحيح، والواجب أن تبقى بائنة ولا تُرد، ولا ينزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد.
ما هو الدليل على أنه لا بد من التكرار، الدليل على ذلك يقولون: لأنه جيء بسارق إلى الرسول عليه الصلاة والسلام، فأقر بأنه سرق، فقال:«مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ»، قال: بَلَى يا رسول الله، فأمر بقطعه (١).
والقياس قالوا: لأن هذا حد يتضمن إتلافًا، فكان أحق بالتكرار من الزنا الذي لا يتضمن الإتلاف إلا في المحصن.
ولكن كما ترون هذا ليس بصحيح؛ لأن قول الرسول عليه الصلاة والسلام له:«مَا إِخَالُكَ سَرَقْتَ»، أراد بذلك الاستثبات، والقول يثبت على الإنسان بشهادته على نفسه، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ}[النساء: ١٣٥]، وقد سبق لنا بيان أن تكرار الإقرار ليس بشرط في أي مكان؟
طلبة: في باب الزنا.
الشيخ: في باب حد الزنا، فهذا مثله أولى؛ ولذلك كان اشتراط تكرار الإقرار هنا من مفردات مذهب الإمام أحمد، كما ذكره صاحب الإنصاف؛ يعني مخالف لقول الأئمة الثلاثة، أيضًا اشتراط أن لا ينزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد، قاسوه على الزنا، وقد سبق أن القول الراجح أنه لا يُشترط، وأن الإنسان إذا أقر على نفسه ثبت عليه الحكم بمقتضى إقراره، ولا يُقبل رجوعه، وأن الاستدلال بقصة ماعز حيث قال الرسول صلى الله عليه وسلم:«هَلَّا تَرَكْتُمُوهُ يَتُوبُ فَيَتُوبَ اللَّهُ عَلَيْهِ؟ »(٢) استدلال ضعيف؛ لأن ماعزًا لم يرجع عن إقراره بالزنا، ولكنه رجع عن طلب إقامة الحد، فبينهما فرق.