ما رأيكم في رجل أقر بأنه سرق، وقال: إني سرقت من الدكان الفلاني، سرقت الحاجة الفلانية، التي وَصْفُها كذا، ووصفها كذا، ونمرتها كذا، وموديلها كذا، وذكرها تمامًا، ووصف كيف سرق، قال: جئت من هنا، وفتحت هذا الباب، وتسورت الجدار. وكل شيء وصفه، ثم وجدنا المسروق عنده كما وصف تمامًا، ثم بعد ذلك قال: رجعت عن إقراري.
طالب: على المذهب لا يُقطع.
الشيخ: هل نقول: إن عموم كلامهم حيث قالوا: ولا ينزع عن إقراره حتى يتم عليه الحد، يقتضي أن هذا الذي رجع عن إقراره ووجد المال عنده، ووصف هو نفسه السرقة، لم يقل:"سرقت" فقط، ذهب بنا إلى المحل، وأرانا كيف صنع، هل نقول: إن عموم كلام الأصحاب –يعني: الفقهاء- هؤلاء يقتضي أن يُرفع عنه الحد؛ لأنه رجع؟ أو نقول: إن كلامهم هذا فيما إذا كان ثبوت السرقة مجرد إقرار؟ أما مع وجود هذه القرائن التي ذكرها، ووصف لنا السرقة ووجد المال عنده -لأن كلام المؤلف إذا كانت المسألة مجرد إقرار- أما مع وجود القرائن ووجود المال عنده، وعلى حسب ما وصف تمامًا هل تصدقون؟
الآن دعونا من كلام الفقهاء، هل تصدقون أن رجلًا يأتي ويقول: سرقت هذا الدكان على هذه الكيفية. ويرينا كيف سرق، ونجد الأمكنة -كما قال- مضروبة بالفأس والصندوق مكسورًا، ونجد المال المسروق الذي وصف لنا عنده، هل تصدقون أنه إذا قال: لم أسرق. يكون غير سارق؟
طلبة: أبدًا.
الشيخ: أبدًا، هذا لا يصدق به أحد؛ لأنه من المستحيل أن رجلًا يدعي على نفسه هذه الدعوى، ثم يقول: ما فعلت. يعني فيه احتمال أنه لم يسرق، وأن السارق صديقه، وأن صديقه وصف له السرقة، ووضع المال عنده أمانة، فيه احتمال هذا ولّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: احتمال عقلي وارد، لكن العادة تمنع هذا منعًا باتًّا.