للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: يضمن الجمل لصاحبه؟

طلبة: لا.

الشيخ: لا يضمن، كذا ولَّا لا؟ لأن الصائل لا حرمة له؛ لأنه مؤذٍ، والمؤذي إن كان طبيعته الأذى قُتِلَ وإن لم يَصُل؛ كالفأرة والحية والعقرب، وما أشبهها، وإن لم يكن طبيعته الأذى فإنه يُقْتَل حال أذيته مثل هذا الصائل.

قلنا: لا يضمنه، لكن لو ادعى صاحب الجمل أن الجمل لم يَصُل، وقال: اضمن جملي، من قال: إنه صال عليك؟ فما هو الحكم؟

طلبة: يُنْظَر القرائن.

الشيخ: أما المذهب فيلزمه الضمان؛ لأن الأصل حرمة مال المسلم، الأصل أن هذا الجمل محترم، إلا إذا قامت البينة على أنه صال عليك ولم يندفع إلا بالقتل.

والصحيح ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية أنه يرجع في ذلك إلى القرائن؛ فإذا عُلِمَ أن هذا القاتل الذي ادعى أنه صال عليه أنه رجل صالح لا يمكن أن يعتدي على حق غيره إلا بموجب شرعي فإن القول قوله، ولكن بيمينه، لا بد أن يحلف؛ لأن اليمين تكون في أقوى جانبي المدعيين. وأما إذا كان غير معروف بالصلاح فإن الأصل ضمان مال الغير واحترامه.

قال المؤلف: (ويلزمه الدفع عن نفسه) يعني: يلزم من صال عليه آدمي أو بهيمة أن يدافع عن نفسه وجوبًا.

الدليل قوله تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: ١٩٥]، ومن استسلم للصائل الذي يريد قتله فقد ألقى بنفسه إلى التهلكة ووقع فيما نهى الله عنه.

ولأن نفسه محترمة وأمانة عنده ومسؤول عنها أمام الله، فوجب عليه أن يدافع عنها. هذان اثنان.

ولأنها نفس محترمة، ونفس الصائل نفس معتدية ليس لها حرمة، ومعلوم أنه يجب فداء النفس المحترمة بالنفس المعتدية، وأن تُتْلَف النفس المعتدية؛ لإبقاء النفس المحترمة. هذه ثلاثة أشياء تدل على وجوب المدافعة عن النفس.

وكذلك ما أشار إليه الأخ من قوله عليه الصلاة والسلام: أرأيت إن قاتلني؟ قال: «قَاتِلْهُ» (١).

<<  <  ج: ص:  >  >>