قال:(دون ماله) يعني: يلزمه الدفع عن نفسه وعن حرمته، ما حرمته؟ يعني: أهله؛ كزوجته وابنته وأمه وأخته، وما أشبه ذلك، فيلزمه الدفع عنهم؛ لأن حماية النفوس -كما قلنا فيما سبق- واجبة، فيلزمه الدفاع عنهم.
أما ماله فيقول المؤلف:(دون ماله) فلا يلزمه الدفاع عنه؛ لأن حرمة المال دون حرمة النفس، ولكن هل يجوز؟
طالب: يجوز.
الشيخ: يجوز الدفاع عن ماله وإن قلَّ، حتى لو كان جرَّة حبر أو ريشة قلم فإنه يجوز.
وقال بعض العلماء: إنه إذا كان المال يسيرًا فإنه لا يجوز أن يدافع عنه مدافعة تصل إلى القتل؛ لأن حرمة النفس أعظم من حرمة المال، ولكن هذا القول ضعيف؛ لأن الأحاديث عامة «دُونَ مَالِهِ»، حديث:«مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ»(٥)، وهو عام، وقال: إن طلب مني مالي؟ قال:«لَا تُعْطِهِ»(١)، وهو عام أيضًا، فالصواب العموم.
وليست المسألة من باب المقابلة والمكافأة؛ لأنه لو كانت من باب المقابلة والمكافأة لقلنا: إنه لا يجوز المدافعة، إلا إذا كان المال الذي صِيل عليه بقدر الدية، وهذا لم يقل به أحد، بل المقاتلة من أجل انتهاك الحرمة حرمة المال.
فيه مسألة: لو أن أحدًا نظر إلى بيتك من خصاص الباب فهل هو كالصائل؟
طالب: نعم.
الشيخ: لا، ليس كالصائل.
الطالب: بس متعدٍّ.
الشيخ: بل هذا تُفْقَأ عينه بدون مدافعة؛ يعني: واحد يُوِز عليك من على الباب، تشوف هذا حاط عينه وأنت مطرف الباب ما حاجة تدافعه، تقول: يا فلان خف الله، لا تنظر لعورات المسلمين، إذا قلت: هذا بيروح ينصرف، لكن تَخفَّ له وخذ معك حربة وافقأ بها عينه، صح؟
طلبة: صح.
الشيخ: إي نعم، هكذا جاء الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (٦)، وهذا يقول شيخ الإسلام رحمه الله: ليس من باب دفع الصائل، لكنه من باب عقوبة المعتدي.
أما لو كان الباب مفتوحًا؛ واحد فاتح بابه، وجاء الرجل ووقف عند هذا الباب المفتوح وجعل يتفرج على البيت، فهل له أن يفقأه؟