ومن ذلك الصورة المصغرة التي اختارها عمر بن الخطاب رضي الله عنه؛ فإن عمر لم يعهد إلى شخص معين، ولم يجعل الأمر عائمًا بين المسلمين، ولكنه جعل الأمر بين أشخاص ستة تخيرهم رضي الله عنه، وعلل تخيره إياهم بأنهم توفي الرسول عليه الصلاة والسلام وهو عنهم راض (٩)، فجعل الأمر بينهم -بين هؤلاء الستة- وهذا نوع من اختيار أهل الحل والعقد، ونوع من العهد بالخلافة إلى معين؛ لأن الخلفية الآن لا يخرج عن هذه الدائرة الضيقة، وهم ستة فقط؛ يعني: لو أن هؤلاء الستة اختاروا رجلًا غير عثمان -مثلًا- فإنه لا يصح اختيارهم؛ لأنه خلاف ما عهد به الخليفة السابق.
وتحصل الإمامة أيضًا بالقهر؛ بأن يخرج إمام على شخص فيقهر؛ يغلب ويقهر الناس، ويستولي ويأخذ السلطة، فهذا تحصل به أيضًا الإمامة؛ يعني بمعنى أنه يكون إمامًا للناس ومرجعًا يرجعون إليه.
أما شروط الإمام فقد ذكرها أهل الفقه في كتب الفقهاء، واختلفوا أيضًا فيها، لم يتفقوا على جميعها، بل اختلفوا فيها.
لكن إذا كان الإمام منتصبًا بأحد العوامل الثلاثة السابقة؛ النص والإجماع والقهر، فخرج عليه قوم لهم شوكة ومنعة، الشرط الرابع (بتأويل سائغ) يعني: خرجوا على الإمام بتأويل، ما خرجوا هكذا بس، قالوا: ما نبغي حكمك، وأخِّر عن الحكم، قالوا: خرجنا عليك؛ لأنك فعلت كذا، وفعلت كذا، ونرى أن هذا يسوغ لنا الخروج عليك، فخرجوا على الإمام.
يقول المؤلف -جواب الشرط-: (فهم بغاة) أي: جائرون ظلمة، وهؤلاء هم اللي معروفون بالخوارج الذين يخرجون على الإمام بتأويل سائغ.
كم الشروط؟ إذا خرج قوم لهم شوكة ومنعة، ثالثًا: على الإمام، والرابع: بتأويل سائغ.
فإن خرج رجل واحد؛ خرج رجل واحد حمل سيفه وراح يركض لمكان الإمام، وقال: يلَّا تنازل عن الخلافة، وإلا قتلتك، وأيش يصير؛ باغٍ ولَّا لا؟