الثاني: قال: (لا مَضَرَّةَ فيه)، شوف (كل طاهر لا مَضَرَّةَ فيه)، فخرج بذلك الطاهر الذي فيه مَضَرَّة، الطاهر الذي فيه مَضَرَّة لا يجوز، حرام، وسواء كانت الْمَضَرَّة في عينه أو في غيره، كيف وغيره في عينه كالسم؟ السم ضرره في عينه، وكذلك الدخان فإنه ضارٌّ في عينه، الضرر في عينه كامن فيه، وضرره مُجْمَع عليه بين الأطباء اليوم، لا يختلف في ذلك اثنان منهم أنه ضارٌّ؛ لِمَا يشتمل عليه من المواد السامة الْمُفْسِدة للدم.
الضار في غيره مثل: أن يكون هذا الطعام لا يلتئم مع هذا الطعام، بمعنى: أنك إذا جمعت بين الطعامين حصل الضرر، وإذا أكلتهما على انفراد لم يحصل الضرر، ومن ذلك الْحُمْيَة للمرضى، فإن المريض إذا حُمِيَ عن نوع معين من الطعام، وقيل له: إن تناوله يضرك، صار عليه حرامًا.
من ذلك على تمثيل النحويين: لا تأكلِ السمكَ وتشربَ اللبنَ، بالفتح، ولكننا نقول للنحويين في هذه القاعدة أو هذا الضابط: ما هذا عشَّك فادرُجِي، فإن الأطباء الآن يقولون: إنه لا يضر، وقد رأينا أهل جدة -وإذا كان منهم أحد حاضرًا فليؤيد ما نقول- يأكلون السمك ويشربون اللبن، ولا يضرهم ذلك شيئًا.
طالب: إي نعم، وكم حرَمت ها القاعدة من واحد!
الشيخ: نعم، إذن نقول: الضارّ إما ضارٌّ في ذاته ضرره في نفسه أو في غيره، بأن يكون هو نفسه ليس بضارّ، لكن إذا جُمِعَ إلى غيره ضَرّ، فهو حرام، قلت: ومن ذلك؟
طلبة: الْحُمْيَة.
الشيخ: حُمْيَة المرضى.
قال شيخ الإسلام رحمه الله: وإذا خاف الإنسان من الأكل أذًى أو تخمةً حرُم عليه؛ إذا خاف أذًى يعني مثلًا: أكل أكلًا كثيرًا وخاف أن هذا الأكل الكثير يحتاج إلى ماء، كما يقول العامة: الماء يدل الدقيق، يقولون: إن الذي يشرب كثيرًا معناه قد أكل كثيرًا، إذا أكلت طعامًا الطعام ما به ماء، خصوصًا إذا كان قرصان جافة، فهذا لا شك أنه يبغي ماءً.