فإذا قال الإنسان: أنا إذا ملأت بطني من هذا الطعام يحتاج إلى ماء، فإذا أضفت إليه الماء معناه يلَّا أمشي من بطني وأتأذى، إن قعدت تأذيت، وإن ركعت تأذيت، وإن استلقيت على ظهري تأذيت، وإن انبطحت على بطني تأذيت، ويؤذيني هذا، يقول شيخ الإسلام: إذا خاف الأذية فإنه يحرم عليه الأكل.
وما قاله رحمه الله صحيح؛ لأن التأذي لا يجوز للإنسان أن يأكل ما يؤذيه، أو يلبس ما يؤذيه، أو يجلس على ما يؤذيه، حتى الصحابة في السجود كان إذا أذاهم الْحَرُّ يبسطون ثيابهم ويسجدون عليها لِئَلَّا يتأذوا، ولأجل أن يطمئنوا في صلاتهم (٣)، إذن هذا الذي ذكره شيخ الإسلام خوف الأذية والتخمة مما ضرره في ذاته أو في غيره؟
طلبة: في غيره.
الشيخ: في غيره، وهو الإكثار، يعني هو بنفسه ليس بضارٍّ، لكن الإكثار منه يكون ضارًّا مؤذيًا، حتى وإن لم يتضرر، لكن الظاهر لي من الناحية الطبية أنه يتضرر؛ لأن المعدة هي إذا أثقلتها سوف تتأذى وتتعب.
وقد قيل: إن من الأمور الْمُهْلِكَة إدخال الطعام على الطعام، فإذا صح ذلك كان أيضًا حرامًا؛ لأنه يقول:{لَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا}[النساء: ٢٩]، ولا يبعد أن يكون هذا صحيحًا.
طالب: مُجَرَّب هذا؟
الشيخ: مُجَرَّب، وقد ضربوا له مثلًا برجل أعطى عُمَّالًا عَمَلًا يعملونه، وقبل أن يستكملوا العمل أضاف إليهم عملًا آخر، معلوم أنهم لا يمكن أن يشتغلوا بالاثنين إلا على حساب أحدهما، فإذا بدؤوا بالشغل الجديد الشغل القديم يختل.
المعدة إذا استقبلت الطعام الجديد اختل هضمها للطعام الأول، ولا سيما إن الهضم جعل الله له غُدَدًا تُفْرِز مواد بحسب بقائه في المعدة.
والأطباء عندهم له مراتب: النضج الأول، والثاني، والثالث، والرابع، فلا بد أن يكون هناك موازنة حتى يعرف الإنسان ما مرتبة أو ما درجة الطعام الأول، وهل يمكن أن يضيف إليه طعامًا آخر أو لا؟