الحمر الوحشية قلنا: لا تحتاج إلى دليل، يعني: لا يحتاج حِلُّها دليلًا؛ لأنه الأصل، لكن مع ذلك ثبت في الصحيحين أن الصعب بن جثامة رضي الله عنه أهدى إلى النبي صلى الله عليه وسلم حمارًا وحشيًّا وهو بالأبواء سائرًا إلى مكة في حجة الوداع، ولكن الرسول رده، وعلَّل الرد قال:«إِنَّا لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكَ إِلَّا أَنَّا حُرُمٌ»(٧)، يعني مُحْرِمُون وأنت صِدْتَهُ لنا فلا نأكله، إذن هو حلال؟
طلبة: نعم.
الشيخ: وسيأتي إن شاء الله تعالى ذكره أيضًا.
انتبه لِعَدِّ الأشياء الْمُحَرَّمَة من الحيوانات؛ لأن الأشياء الْمُحَرَّمَة من الحيوانات أقل بكثير من الأشياء الْمُحَلَّلَة فهي محصورة، هذا رقم واحد منها:(الحمر الأهلية).
والثاني:(وما له ناب يفترس به) يعني: من السباع.
ومعنى (يفترس به)، أي: يصطاد به، ينهش به الصيد ويأكله، نحتاج إلى دليل، الدليل أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السباع (٨)، والأصل في النهي التحريم، فلا يحل أكل كل ذي ناب من السباع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنه.
ولأن الحكمة تقتضي المنع من كل ذي ناب من السباع؛ لأن للغذاء تأثيرًا على المتغذِّي به، فالإنسان ربما إذا اعتاد التغذي على هذا النوع من اللحوم صار فيه محبَّة العدوان على الغير؛ لأن ذوات الناب من السباع تعتدي، ولَّا لا؟
فإن الذئب مثلًا إذا رأى الغنم عدا عليها، ومع ذلك فإن بعض الذئاب إذا دخل في القطيع ما يكتفي أن يقتل واحدة ويأكلها، بل يمر على القطيع كله فيقتله كله، ويأكل ما شاء ثم يخرج، أعرفتم؟
فإذا اعتاد الإنسان التغذِّي بهذه الأمور فربما يكون فيه محبة العدوان، وهذه من حكمة الشرع، بل إنه الآن يقول بعض العامة -لكنه قول خطأ لكن قد قيل-: إن الذي يأكل كبد الذئب لا يمكن أن يهاب شيئًا أبدًا.