وأن معنى الآية أن الرسول عليه الصلاة والسلام لا يُحَرِّم إلَّا ما كان خبيثًا، فيكون الوصف بالخبث علة لما حَرَّمَه الشرع، وأن الشرع لا يُحَرِّم إلا خبيثًا، فإذا حرَّم شيئًا لا تبحث هل هو طيب أو غير طيب، إذا حرَّمه فاعلم أنه خبيث.
أما أن نقول: كل ما استخبثه الناس أو ذوو اليسار منهم فهو حرام، فهذا أمر لا يمكن؛ لأن معنى ذلك أن نرد الأحكام إلى أعراف الناس وعادات الناس.
وعليه، فالصواب أن ما يُسْتَخْبَث حلال، إلا إذا دخل في أحد الضوابط السابقة فيكون حرامًا.
مثاله:(القُنْفُذ) تعرفون القنفذ؟ معروف، حيوان معروف، صغير له شوك، إذا أحس بأحد انكمش ودخل في هذا الشوك، ولا يقدره أحد، ما يقدره إلا الحدأة، تُمْسِكُه بإحدى شوكه وتطير به في السماء ثم تطلقه، فإذا أطلقته ووصل الأرض مات وانفتح لها، حتى الدابل –الحية- ما تقدر عليه، يمسكها مع ذيلها ويبدأ يأكله يرعاه، هي تخابط ولكن تخابط على أيش؟
طلبة: على الشوك.
الشيخ: على الشوك ما يتحرك.
هذا القنفذ يقول المؤلف:(إنه حرام)، لماذا؟ لأن العرب ذوي اليسار يستخبثونه، ولو لقينا عربًا وما يتستخبثونه، صار عندهم؟
طلبة: حلال.
الشيخ: حلالًا، وأنا أقص لكم قصة، رجل من بلد عربية معينة لا نحب نذكرها، لكن هو مذهبهم، يعني ما يُلَام عليه، تسحَّر عندنا ذات يوم في رمضان، وخرج بعد صلاة الفجر على أن يأتي يفطر معنا ويتعشى، لما جاء إلى الفطور والعشاء وإذا معه خيشة فيها أشياء تتحرك، إحنا ما ظننا أن .. ما نعرف أيش اللي يتحرك هذا، فقلنا: ما هذا؟ قال: هذه قنافذ، يعني: راح على الحيطان، هي تكون دائمًا عند الحيطان القديمة، وأمسكها وجاء بها، كأنه -والله أعلم- يريد أن يهديها علينا لنطبخها له في السحور، الله أعلم، لكن قلنا: هذا ما يحل في مذهبنا، قال: هي في مذهبنا أنه يحِلّ، وأنه عندنا طعام طيب نتلذذ به.