الشيخ: على كلام المؤلف: لا، ليس له أن يشبع؛ لأن هذا الأكل أكلُ ضرورةٍ، فيتقيَّد بقَدْر الضرورة، لكنْ لو جاع مرَّةً ثانيةً أَكَل، لا مانع.
وقيل: له أن يشبع إن خاف أن يجوع في المستقبل، ولكن الصواب أنه ليس له أن يشبع، وأنَّ هذا الأكل ضرورةٌ، فيتقيَّد بقدرها، وإذا خاف فإنه يحمل معه، له أن يتزوَّدَ من هذا اللحم إذا كان يخشى أن يجوع قبل أن يَصِل إلى بلده مَثَلًا، وإذا تزوَّد وحمل معه فليس عليه خَطَرٌ، لكنْ إذا شبع ربما مع هذا اللحم الخبيث يكون عليه تُخمة ونَتْن في بطنه فيتضرَّر.
فالصواب هنا ما ذكره المؤلف؛ أنه لا يحلُّ له إلا ما يَسُدُّ رَمَقَهُ ويردُّ عليه قوَّته.
وقول المؤلف:(غير السمِّ) استثنى السمَّ، و (السم) هذه مثلثة السين؛ يعني أنها تصلح: سَم، وسِم، وسُم، الإنسان ما يغلط فيها.
السم لو اضطُرَّ إليه لا يأكل منه، ليش؟
لأنه إذا أكل من السم أسرع إلى نفْسه القتل، معلوم؛ واحد عنده مَثَلًا كيلو من السم يقول: أنا جوعان ( ... ) الآن، أبغي آكل الكيلو من السم. ويش نقول؟ نقول: أبشِرْ بالموت السريع؛ لأنك لو بقيتَ لم تأكلْه ربما يُسهِّل الله لك شيئًا تأكله، لكن الآن قتلتَ نفسك، فالسم لا يحلُّ.
لو اضطُرَّ إلى شُرب لبن الأتان؟ -الأتان: الحمارة- يحلُّ؟
إي، يحلُّ له ذلك، كلُّ المحرَّمات التي لا تضرُّ بذاتها إذا اضطُرَّ إليها الإنسانُ أكل منها وشَرِب.
لو اضطُرَّ إلى شُرب ماءٍ محرَّمٍ يشرب؟ يشرب، نعم.
اضطُرَّ إلى شُرب الخمر؟ لا يشرب. ليش؟
يقول العلماء: إن الخمر لا يُغني من العطش، بلْ يزيد العطش، ومع ذلك إذا اضطُرَّ إليه بحيث تندفع ضرورتُه بتناوُله حلَّ له الخمر، ومَثَّلوا لذلك برجُلٍ غصَّ بلُقْمةٍ ولم يحضُر عنده إلا كأس الخمر، له أن يتناول؟ نعم، بسْ ما يدفع اللقمة فقطْ ويُمسك، لماذا؟ لأنه هنا تندفع به الضرورة، أمَّا غيره ما تندفع به الضرورة.