المسألة الأولى: إذا اضطُرَّ إلى مال الغير فإنَّ صاحب المال إنْ كان مضطرًّا إليه فهو أحقُّ به؛ مثاله: رجُلٌ معه خُبزةٌ وهو جائعٌ، وصاحبه جائعٌ وليس معه خُبزة، الصاحب الآن محتاج إلى أيش؟ إلى عين مالِ الغير، لكن الغير أيضًا محتاج إليها، ففي هذه الحال لا يحلُّ للصاحب أن يأخذ مالَ الغير؛ لأن صاحبه أحقُّ به منه.
ولكنْ هل يجوز لصاحبه أن يؤْثِره أو لا؟
المذهب أنه لا يجوز؛ أنَّ الإيثار في هذه الحال لا يجوز، وقد سبق لنا قاعدةٌ في ذلك وهي: الإيثار بالواجب غير جائزٍ. ولَّا لا؟ أين مرَّتْ علينا؟
طالب:( ... ).
الشيخ: لا، مرَّتْ علينا في باب التيمم؛ إذا كان الإنسان ما معه إلا ماءٌ يكفي لطهارته، وفيه آخَر محتاج للماء، قلنا: ما تعطيه إيَّاه وتتيمم أنت؛ لأن هذا إيثارٌ بالواجب، والإيثار بالواجب حرام.
وعلى هذا فإذا كان صاحب الطعام محتاجًا إليه -يعني مضطرًّا إليه كضرورة الصاحب- فإنه لا يجوز أنْ يؤْثِر به الصاحب، ليش؟ أقول: لماذا؟ لأنَّ هذا يجب عليه أن يُنقذ نفسه، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام:«ابْدَأْ بِنَفْسِكَ»(٣)، فلا يجوز أن يؤْثِر غيره؛ لوجوب إنقاذ نفسه من الهلَكَة قبل إنقاذ غيره، هذا هو المشهور من المذهب، ووجْهه كما رأيتم.
وذهب ابن القيم رحمه الله إلى أنه يجوز في هذه الحال أن يؤْثِر غيرَه بماله، ولكن المذهب في هذا أصحُّ وأنَّه لا يجوز، اللَّهم إلا إذا اقتضت المصلحة العامَّة للمسلمين أن يؤْثِره