(ونحوه) كما لو اضطُرَّ إلى ماعون ليضع فيه الماء، أو ليدفِّئ به الماء، أو ليضع فيه الطعام، أو ما أشبه ذلك، المهمُّ أنه اضطُرَّ لنفْع مال الغير.
وهل مثل ذلك الركوب؟ الاضطرار إلى ركوب السيارة؛ مثل أنْ يكون في هَلَكة، في مفازة، ومرَّ به صاحب سيارة، فهو الآن مضطرٌّ إلى الركوب، هل هو مثل هذا؟
نعم؛ لأن هذا اضطرارٌ إلى نفْع هذه السيارة مثلًا، أو البعير، أو الحمار.
(وجبَ بَذْله له مجَّانًا) مجَّانًا: بغير عِوَض.
ما الفرق بينه وبين الاضطرار إلى عين المال؟
الفرق بينه وبين الاضطرار لعين المال واضح؛ أنَّ المضطر إلى نفْع المال ستبقى عينُ المال، والمضطر إلى عين المال سوف تفنى عينُ المال، فبينهما فرقٌ واضحٌ؛ لأن المضطرَّ إلى النفع يقول لصاحب المال: سيبقى مالك، والله عز وجل يقول: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (٥) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (٦) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: ٤ - ٧]، منعُ الماعون في هذه الحال داخلٌ في الوعيد؛ {وَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}.
ثم قال المؤلف:(ومَنْ مَرَّ بثَمَرِ بُسْتَانٍ فِي شَجَرِه، أوْ متساقِطٍ عَنْهُ، ولا حائطَ عليه ولا ناظِرَ؛ فلَهُ الأكلُ مِنْهُ مَجَّانًا مِن غير حَمْلٍ). هذا أيضًا ذُكِر في كتاب الأطعمة لتعلُّق حقِّ الغير به.
(مَن مَرَّ بثمر بستانٍ في شجرِه) مثل: عنب، وتين، برتقال، تمر، وما أشبهَ ذلك، مررتَ به في الشجر فلك أنْ تأكل منه. وظاهر كلام المؤلف: له الأكل مجَّانًا سواء كان مضطرًّا أمْ غير مضطرٍّ؛ لورود الأثر في ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم (٤).
وقوله:(في شجرِهِ أو متساقطٍ عنه) ظاهر كلام المؤلف قوله: (في شجره) أنَّه لو احتاج إلى الصعود فله أن يصعد؛ لأنَّ الشجرَ قد يكون رفيعًا وقد يكون غير رفيع.