فحُكم الضيافة واجب، وإكرام الضيفِ أيضًا واجب، وهو أمرٌ زائدٌ على مطْلَق الضيافة؛ قال النبي عليه الصلاة والسلام:«مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ»(٧)؛ أي: مَن كان يؤمن إيمانًا كاملًا فلْيُكرِم ضيفه.
وإكرام الضيفِ بما جرتْ به العادةُ يختلف باختلاف الناس، الضيف أو الْمُضِيف؟
طلبة: الْمُضِيف.
الشيخ: أو الجميع؟
الطلبة: الجميع.
الشيخ: الجميع في الواقع، أمَّا الْمُضيف فلقوله تعالى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ}[الطلاق: ٧] فإذا نزلَ شخصٌ ضيفًا على رجُلٍ غنِيٍّ فإنه يُكرمه بما وسَّع الله عليه، وإذا نزلَ بإنسانٍ فقيرٍ فيُكرمه بما قدر عليه؛ قد ينزل هذا الرجل على شخصٍ غنيٍّ ويكون إكرامُه بأن يذبح له ذبيحةً ويدعو مَنْ حوله، وقد ينزل على آخَر ويكون إكرامُه بأنْ يقدِّم له صحنًا من التمر، ليش؟ لأن هذا كالأول عنده مال وميسِّر الله عليه، وهذا فقير.
كذلك باعتبار الضيف؛ فالضيوف ليسوا على حدٍّ سواء؛ ينزل بك ضيفٌ صاحبٌ لك ليس بينك وبينه شيءٌ من التكلُّف تُكرِمه، ينزل عليك ضيفٌ كبيرٌ عند الناس في ماله، في عِلْمه، في سلطانه، تُكرمه بما يليق به، وينزل شخصٌ من سِطَة الناس تُكرِمه أيضًا بما يليق به.
إذَنْ فالإكرام يختلف بحسب حال الْمُضِيف والضيف. واضح؟
ومن الإكرام أيضًا ألَّا تقدِّر عليه قِراهُ، كما فَعَل إبراهيم؛ إبراهيمُ لما نزلَ به الملائكة راغ إلى أهله، قال العلماء: انطلقَ مسرعًا بِخُفية حتى لا يقولوا شيئًا؛ لأنه جرت العادةُ أن الضيف إذا أراد الْمُضيف أن يُكرمه قام يحلف: واللهِ لا تفعل كذا، لا تفعل كذا. فإبراهيم ذهبَ مسرعًا بِخُفية وجاء بعجلٍ حنيذٍ، حنيذ سمين أيضًا.