ولهذا هذه الأشياء شوف:{وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَمَا أَكَلَ السَّبُعُ} هذه الخمس أُصيبتْ بما يُميتُها، يعني ما ماتتْ حتفَ أنْفها، ومع ذلك لم تحلَّ، لماذا؟ لاحتقان الدم فيها.
وما أكله السبع سيأتينا -إنْ شاء الله- بيانُ وجْه عدم حِلِّه؛ لأنه -أي: السبع- ليس أهلًا للذكاة كما سيأتي.
يقول المؤلف رحمه الله:(إلَّا الجراد والسمك وكل ما لا يعيشُ إلَّا في الماء) فهذه تحِلُّ.
(إلَّا الجراد) فيحلُّ بدون ذكاةٍ، مع أن الجراد لا يعيش إلا في البَرِّ لكنه يحلُّ بغير ذكاةٍ، لماذا؟
أولًا: في الدليل قال النبي عليه الصلاة والسلام: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْجَرَادُ وَالْحُوتُ»، وهذا يُروى من حديث ابن عمر موقوفًا عليه (٩)، ومرفوعًا بسندٍ ضعيف (١٠)، لكنْ حتى لو كان موقوفًا عليه فله حكمُ الرفع؛ لأن هذه الصيغة من الصحابي يُحكَم لها بالرفع.
أمَّا الحكمة من حِلِّ الجراد فلأنَّ الجراد ليس فيه دمٌ حتى يحتاج إلى إنهاره. ولَّا فيه دم؟
طالب: فيه دم شوي.
الشيخ: لا، ما فيه دم أبدًا، لا شوي ولا كثير.
نقول: الجراد للنصِّ والتعليل، التعليل ليش؟ لأنه ليس فيها دمٌ يحتاج إلى إنهار، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام:«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ»(١١)، وأظنُّه مرَّ علينا في باب الآنية أنَّ بعض العلماء قال: لا بدَّ من أن يموت بسببٍ من الإنسان، وإنه لو مات بدون سببٍ من الإنسان فإنه لا يحلُّ. لكنه قول ضعيف.
قال:(والسمك) السمك أين يعيش؟
طلبة: في الماء.
الشيخ: يعيش في الماء، وعلى هذا فقول المؤلف:(وكل ما لا يعيش إلَّا في الماء) من باب عطف العامِّ على الخاص، فكل شيء لا يعيش إلا في الماء فإنه يحِلُّ بدون ذكاة.