للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الدليل من القرآن قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعًا لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ} [المائدة: ٩٦]، ومن السُّنة ما في حديث أبي عبيدة الطويل؛ الذين بَعَثهم النبيُّ عليه الصلاة والسلام في سَرِيَّةٍ وأعطاهم تمرًا، ونفد التمرُ وجاعوا، حتى قيَّض اللهُ لهم حوتًا كبيرًا يسمى العنبر وجدوه على الساحل، وكان عظيمَ الجسم، حتى إنه ليجلس النَّفَر في قحف عينه فيسعهم من كِبَرِهِ، وحتى إنهم أخذوا ضلعًا من أضلاعه ونصبوه هكذا، ورحلوا أكبرَ جملٍ عندهم فمرَّ من تحت الضلع، فشبعوا وأكلوا، وأتوا بشيءٍ منه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم (١٢).

كذلك أيضًا حديث ابن عمر الآنف الذِّكر: «أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، أَمَّا الْمَيْتَتَانِ فَالْجَرَادُ وَالْحُوتُ» (١٠)، فصار في هذا -في حِلِّ السمكِ والحوتِ بغير ذكاة- دليلٌ من الكتاب ومن السُّنة.

حتى وإنْ كان فيه دم؟

نعم، وإنْ كان فيه دم، ومعلومٌ أنَّ السمك الكبير فيه دم، فإذَنْ ولو كان فيه دم.

فإن قلتَ: لماذا وهو فيه دمٌ محتقِنٌ، وأنت علَّلتَ قبل قليل تحريمَ الميتة وشبهها بأن فيها دمًا محتقِنًا ضارًّا؟

قلنا: إنَّ الضررَ وانتفاءَ الضررِ بيد مَن بيده النفع والضرُّ، وهو الله عز وجل، وإذا أباح اللهُ لعباده مَيْتته فإننا نجزم بأن دمه المحتقِن لا يضرُّ، وهي من حكمة الله عز وجل؛ ذلك لأن الحصول على السمك حتى نذكِّيه أمرٌ متعسِّر أو متعذِّر، فلذلك كان من حكمة الله عز وجل أنْ أباح لعباده هذا السمك بدون ذكاة.

إذَنْ كلُّ حيوانٍ مباحٍ يُشترط لحلِّه أيش؟ الذكاة، إلَّا حيوان البحر والجراد، لو وجدْنا غير الجراد مما أباح اللهُ وليس فيه دمٌ، فحُكمه حكم الجراد.

فيه الآن أشياء نجدها في المزارع شبيهة بالجراد تطير، هذه أيضًا إذا أُخِذ منها شيءٌ وجُمِع منها شيءٌ وأُكِلَ بعد أنْ يُشوى بالنار أو يُغلى بالماء صار حلالًا.

***

<<  <  ج: ص:  >  >>