ظاهر كلام المؤلف الحصر وأنَّ الشروط أربعة، ولكنْ سيأتينا إن شاء الله تعالى بعد الكلام عليها أنَّ هناك شروطًا أكثر من أربعةٍ تبلغ إلى عشرة تقريبًا.
أولًا: قال المؤلف: (أهليَّةُ الْمُذَكِّي)، وذلك بأنْ يجتمع فيه وصْفانِ: العقل، والدين.
أمَّا العقل فقال:(بأنْ يكون عاقلًا)، والعقل معروف؛ هو ما يعقِل به الإنسانُ الأشياءَ، وضِدُّه: مَن لا عقْلَ معه سواء كان مجنونًا أو مُبَرْسَمًا أو سَكرانًا أو دون التمييز، المهمُّ أنه لا عقْلَ له ولا تمييز، هذا لا تصحُّ ذكاتُه، مَنْ ليس بعاقلٍ لا تصحُّ ذكاتُه.
فلو أنَّ طفلًا دون التمييز أمسك عصفورًا وذبحه وهو لا يدري، ليس عنده تمييزٌ؛ فإن هذا العصفور لا يحلُّ، لماذا؟
طالب: غير عاقل.
الشيخ: غير عاقل.
ولو أنَّ مجنونًا سَطَا على شاةٍ وذبحها برقبتها فإنها لا تحِلُّ؛ لأنه ليس له عَقْلٌ.
لماذا يُشترط العقل؟
قالوا: لأنه لا بدَّ من قَصْد التذكية؛ لأن الله يقول:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}[المائدة: ٣]، والفعل لا بدَّ فيه من قصْدٍ، وغيرُ العاقل ليس له قصْدٌ، والله عز وجل يقول:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}، غير العاقل ليس له قصْدٌ.
مِن هنا نأخذ شرطًا وهو قَصْدُ التذكية؛ يعني زيادةً على العقلِ نشترطُ أنْ يقصد التذكية، فإنْ لم يقصدها؛ مِثل لو أن إنسانًا أمسك بسكينٍ ليقطع حبلًا، وكان الحبل مرتفعًا على رقبة شاةٍ، وهو بقوة اتكائه على الحبل انقطع الحبلُ بسرعة، ونزلت السكين على رقبة الشاة وقطعتْها، تحِلُّ ولَّا ما تحِلُّ؟
طلبة: ما تحِلُّ.
الشيخ: ليش؟ لأنه لم يقصد التذكية.
إذَنْ أضِفْ إلى هذا الشرط شرطًا آخر وهو قصد التذكية، فإن لم يقصد التذكية فإنها لا تحِلُّ، ويمكن أنْ يؤخذ هذا الشرط من قوله تعالى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ}، وغير العاقل لا يُنسب إليه فِعْل.