هل يُشترط مع ذلك قصدُ التذكية للأكل، أو إذا قَصَدَ التذكيةَ لغرضٍ غير الأكل حلَّت الذبيحة؟
في هذا قولان لأهل العلم: منهم مَن قال: إنه لا بدَّ أن يقصد الأكلَ، فإنْ لم يقصد الأكلَ لم تحِلَّ الذبيحة، لماذا؟
قال: لأن الذبح إيلامٌ وإتلافٌ. إيلامٌ للحيوان ولّا لا؟ هو يتألَّم الحيوان ما فيه شك، إيلامٌ وإتلافُ مالٍ؛ إيلامٌ لحيوانٍ وإتلافٌ لمالٍ، وإذا لم يقصد الإنسانُ الأكلَ لا يحِلُّ له أن يؤذي الحيوان وأنْ يُتلف المال.
أيُّ صورةٍ لا يمكن أنْ يقصد الأكل؟
مِثل إنسانٍ عنده شاةٌ كثيرةُ الثُّغاءِ، وهو يريد أنْ ينام، وعجز؛ لا ينام منها، فقال: هذه التي آذتْنِي، لأذهبنَّ وأذبحها، فذهب وذبحها لا لقصْدِ الأكل.
أو رجل آخَر أيضًا حصل فيه نزاع بينه وبين أحدٍ في شاةٍ، فقال: واللهِ هذه التي أدَّتْ بي إلى هذا النزاع، واللهِ لأذبحنَّها. فذبحها لقصْدِ حَلِّ يمينه، ما هو قصد يأكلها.
فمِن العلماء مَن قال: إنها لا تحِلُّ. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، ومنهم مَن قال: إنها تحِلُّ؛ لأنه قَصَد التذكيةَ، وقَصْدُ التذكيةِ قصْدٌ صحيحٌ سواءٌ قَصَدَ الانتفاعَ بها بالأكل أو قَصَدَ حَلَّ يمينه أو قَصَدَ اندفاعَ ضررِها.
فتولَّد الآن من هذا الشرط، ويش تولَّد؟
تولَّد شرطانِ: قصْدُ التذكية، وهل يُشترط قصد الأكل أو لا يُشترط على الخلاف الذي سمعتم، والظاهر لي من النصوص أنه إذا قَصَدَ التذكية فإنها تحِلُّ وإنْ لم يقصد الأكل.
على أنَّ لقائلٍ أن يقول: إن عموم قوله: {إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} مستثنًى من قوله: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ}، ومعلومٌ أن التحريم هنا تحريمٌ للأكل، فيكون المعنى:{إِلَّا مَا ذَكَّيْتُمْ} للأكل، أعرفتم؟
فالمهمُّ أنَّ اختيار شيخ الإسلام -رحمه الله- له قوة بلا شكٍّ من النظر، لكن الذي يظهر أنَّ الأخذ بالعموم أَرْفق بالناس.