الثاني:(أوْ كتابيًّا)(كتابيًّا) أي: يهوديًّا أو نصرانيًّا؛ فإن اليهوديَّ والنصرانيَّ تحِلُّ ذبيحتُه؛ لقوله تعالى:{الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حِلٌّ لَكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَهُمْ}[المائدة: ٥]، قال ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير الآية: طَعَامُهُمْ: ذَبَائِحُهُمْ (١٣).
وهذا أمرٌ معلومٌ؛ لأننا لو فسَّرْنا الطعامَ هنا بالخبز والتمر وما أشبهَهُ لم يكنْ فرقٌ بين الكتابيِّين وغيرِ الكتابيِّين، فإن غير الكتابيِّين أيضًا يحِلُّ لنا أنْ نأكل خُبزهم وتمرهم وما أشبهَ ذلك، فالمراد بذلك ذبائحُهم، وإنما أضافه إليهم لأنهم ذبحوه ليَطْعَموه، فصارَ طعامًا لهم، فطعامُ الذين أوتوا الكتابَ حِلٌّ لنا وطعامُنا حِلٌّ لهم.
{طَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} هل نقول: إنَّ كُلَّ ما اعتقدوه طعامًا فهو حلالٌ وإنْ لم يكن على الطريقة الإسلامية؟
طلبة: لا.
الشيخ: نعم، المشهور عند أهل العلم عامَّتهم: لا.
وذهب بعضُ العلماء من الأقدمين والمتأخِّرين أنَّ ما اعتقدوه طعامًا فهو حلالٌ لنا؛ لأن الاختصاص هنا {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}، الاختصاص لولا أنَّ له فائدةً لم يكنْ له فائدةٌ، وهي أن طعامهم يتميَّز عن طعامنا باعتقادهم إيَّاه طعامًا، فإذا كانوا مَثَلًا يعتقدون أنَّ المصعوقَ بالكهرباء ونحوه يُعتبر طعامًا؛ فهو حِلٌّ لنا، كما لو أنَّ أحدًا من الفقهاء خالفَنا في شرطٍ من شروط الذكاة وذكَّى الذبيحةَ على اعتقاده فإنها تكون حلالًا لنا ولَّا لا؟
طالب: حلال.
الشيخ: لنفْرِضْ أنه شافعيُّ المذهب ذبحها ولم يُسَمِّ الله فهي حلالٌ لنا وله، لماذا؟ لأنه اعتقدها حلالًا فهي حلالٌ لنا وله، أمَّا لو ذبحها من يعتقد التحريمَ فهي حرام.
المهمُّ أنَّ بعض العلماء قال: ما اعتقده أهلُ الكتاب طعامًا فإنه حلالٌ ولا يحتاج إلى قطْعِ الحلقوم والمريء ولا إلى التسمية.