الشيخ: المهم على كل حال الرسول علل قال: «أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ، وَأَمَّا الظُّفُرُ مُدَى الْحَبَشَةِ»، وهذا فيه إشكال؛ تعليل الرسول صلوات الله وسلامه عليه بالنسبة لحكم المؤلف فيه إشكال، الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ»، ولم يقل: أما السِّنُّ فسنٌّ، لو قال: أما السن فسن، قلنا: السن هو الذي لا تجوز الذبيحة به، لكن قال:«فَعَظْمٌ»، فالعلة أعم من المعلول؛ لأن كل سن عظم، وليس كل عظم سنًّا، صح ولَّا لا؟
طلبة: صح.
الشيخ: طيب، توافقونني على أن كل سن عظم؟
طلبة: نعم.
الشيخ: والترك به؟
طلبة:( ... ).
الشيخ: طيب، وأيش رأيكم، نبحث فيها -إن شاء الله- بعدما نكمل البحث في هذا الحديث.
طيب، السن عظم، قلنا: العلة هنا أعم من المعلول، لكن العلماء اختلفوا في هذا؛ فمنهم من قال: أما السن فعظم مع كونه سِنًّا، فإذا كان عظمٌ وليس بسنٍّ فقد تخلَّف أحد جُزئي العلة؛ وهي السِّن، فتحل الذبيحة به؛ بالعظم غير السن.
وقال بعض العلماء ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: إن الذكاة لا تصح بجميع العظام؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام قال:«أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ»، والتعليل بكونه عظمًا معقول المعنى، ما هو المعنى؟ قال: لأن العظم إن كان من ميتة فهو نجس، والنجس لا يصح أن يكون آلة للتطهير والتذكية، وإن كان العظم من مذكاة فإن الذبح به تنجيس له، والرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن الاستنجاء بالعظام؛ لأنه ينجِّسها، والعظام زاد إخواننا من الجن؛ لأن الجن لهم كل عظم ذُكر اسم الله عليه يجدونه أوفر ما يكون لحمًا (٦)؛ عليه لحم يأكلونه، فعليه يكون التعليل بالعظم -أعني بأن الذكاة لا تصح به- معقول المعنى.
وأولئك عرفتم ماذا يجيبون، قالوا: إن العلة مركَّبة من جزئين: سن، وعظم، قالوا: ولو كان الرسول صلى الله عليه وسلم يريد العظام جميعًا لقال: إلَّا العظم والظفر، ولما لم يقل ذلك علمنا أنه أراد المعنيين.