لكن الراجح ما اختاره شيخ الإسلام؛ لأن التعليل واضح، والقاعدة الشرعية أن الحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا.
الظفر قال: «مُدَى الْحَبَشَةِ» فيه بعدُ إشكال؛ لأننا لو فرضنا أن للحبشة مدى؛ يعني سكاكين خاصة بهم لا يستعملها إلَّا هم، فهل تصح التذكية بها؟
طالب: ظاهر الحديث لا.
الشيخ: «فَمُدَى الْحَبَشَةِ»، انتبهوا؛ لأن غير هذا غير الظفر وإن كان حديدًا مثلًا يصنعونه على صفة معينة لا يصنعها إلا هم لا يقتضي أن يكون خاصًّا بهم؛ لأن الناس يذبحون بالمحدد في كل مكان، لكن الذي جعل أظفارهم مدى هم الحبشة؛ ولهذا لا يقصون أظفارهم، يخلون أظفارهم تبقى حتى تطول ويذبحون بها، وأيش يذبحون بها؟
طالب: العصافير.
الشيخ: العصافير وغيرها، كل ما يمكن ذبحه بها، وبناءً على ذلك نقول: إن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن الظفر؛ لأنه مدى الحبشة؛ لأن هذا فيه مفسدتان:
المفسدة الأولى: أننا لو جعلنا الأظفار آلة للذبح لفاتنا مشروعية القص، كان كل واحد يقول: أنا ببقي ظفري علشان كل ما وجدت أرنبًا ولا غيره رصيت ها الظفر عليه؛ لأنه يطلع الدم وكلتها.
طالب: ليوفر السكاكين.
الشيخ: يوفر السكاكين أو يمكن تسقط منه أو ينساها.
ثانيًا: أنه بذلك يشبه السباع، ولَّا لا؟
طلبة: نعم.
الشيخ: السباع الطير، وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن كل ذي مخلب من الطير (٧)، ونحن نهينا أن نتشبَّه بالحيوان (٨).
فصار التعليل واضحًا؛ بأن العلة من الظفر هو أن كونه آلة لذبح يتضمن أيش؟ يتضمن مخالفة الفطرة في إبقائه، ومشابهة الحيوان في قتله بمخلبه.
ويمكن أن نقول أيضًا: ويتضمن مشابهة الكفار؛ لأن الحبشة حينذاك كانوا كفارًا، والتشبه بالكفار محرم، فكل هذا ..
طالب: وأهل الكتاب؟
الشيخ: أهل الكتاب يجوز ذبائحهم.
الطالب: وكانوا أهل كتاب الحبشة، نصارى.
الشيخ: ما هو بالظاهر أن كلهم أهل كتاب، حتى لو كانوا أهل كتاب فالتشبه بأهل الكتاب فيما يختص بهم منهي عنه.