حكم قطعهما على ما ذهب إليه فقهاؤنا رحمهم الله أن قطعهما سنة، وليس بشرط لحل الذكية، بل قطعهما سنة، ولمَّا لم يرد نص في هذا صريح اختلف العلماء في هذه المسألة؛ لأن النص الصحيح الصريح الوارد في هذا المقام هو قوله عليه الصلاة والسلام:«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ»(٥)، هذا الصريح.
وكذلك أيضًا النحر في الحلق واللبة، أيضًا جاء في هذا حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام وإن كان في سنده مقال (٩)، فمن ثم اختلف العلماء.
فانتبه الآن ويش عندنا؟ المشهور من المذهب أن الشرط قطع الحلقوم والمريء، وقيل: إن الشرط قطع الودجين وإن لم يقطع الحلقوم والمريء، واستدل هؤلاء بقول الرسول عليه الصلاة والسلام:«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ»، ولم يقل: ما قطع النفس أو قطع الطعام، قال:«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ»، ولا ريب عند كل عارف أن الدم لا يكون فيه إنهار .. ، لا يكون إنهار الدم إلا بقطع الودجين، ولعلكم رأيتم الذبيحة؛ إذا قُطِعَ الودجان تجدون الدم يخرج بغزارة واندفاع قوي، ولم يقل الرسول سوى ذلك.
وعلى هذا فالشرط قطع الودجين فقط، أما الحلقوم والمريء فمن كمال الذبح، واستدلُّوا لذلك بأن الرسول عليه الصلاة والسلام نهى عن شريطة الشيطان (١٠)؛ وهي التي تذبح ولا تفرى أوداجها، وهذا وإن كان رواه أبو داود وهو فيه ضعف، لكنه يشهد له قوله:«مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ فَكُلْ»(٥).
ومنهم من قال: لا بد من قطع الأربعة جميعًا، كل الأربعة، ما هم؟ الحلقوم، والمريء، والودجان؛ أربعة.
ومنهم من قال: يشترط قطع ثلاثة من أربعة، كيف ثلاثة من أربعة؟
طالب: ودج واحد.
الشيخ: ودج واحد، أو الحلقوم والودجين، أو المريء والودجين.