كذلك:(الواقعة في بئر) الواقعة في بئر؟ كيف تقع في بئر؟ يمكن تقع في بئر، أو تقع في مكان سحيق لا يمكن الوصول إليها؛ كما لو تردَّت من جبل شاهق ولا يمكننا أن نصل إليها، طبعًا هي إذا تردت من جبل شاهق فالغالب عليها أنها تموت، ولا يمكننا أن نصل إليها قبل الموت، فإننا في هذه الحال نرميها بالسهم في أي موضع أصابها السهم من بدنها فإنها تحل.
الحكمة من ذلك -يعني: العلة- لأنها يعجز عن ذبحها على الوجه المعتاد.
فتكون أدلة هذه المسألة هي الأدلة السابقة، إلَّا أن الأدلة السابقة فيما عُجِزَ عنه عَدْوًا، وهذه فيما عُجِزَ عنه بالنسبة إلينا، هذا وقع في بئر؛ لو ذهبنا نأتي بالسكين وما أشبه ذلك لمات، لكن عندنا بندق وعلى طول رميناه يحل.
إلا أن المؤلف استثنى قال:(إلا أن يكون رأسه في الماء) إن كان رأسه في الماء فإنه لا يحل، لماذا؟ لأننا لا ندري أمات بالماء أم بالسهم؟ كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الصيد:«إِنْ وَجَدَتْهُ غَرِيقًا فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ؛ فَإِنَّكَ لَا تَدْرِي الْمَاءُ قَتَلَهُ أَمْ سَهْمُكَ؟ »(٤)، هذه العلة تدل على أننا لو تيقنا أن الذي قتله السهم لحلَّ؛ لأن قوله:«لَاتَدْرِي» يدل على أني لو دريت بأن الذي قتله هو السهم كان حلالًا، وهو كذلك.
كيف أدري؟ بأن يكون الماء قليلًا لا يغرقه، أو أراه قد رفع أنفه يتنفس ويكون السهم قد أصابه في قلبه -مثلًا- فهنا نعلم أن الذي قتله السهم دون الماء. وقول المؤلف:(إلَّا أن يكونَ رأسُه في الماءِ ونحوه) ويش اللي نحوه؟ وأيش معنى (رأسه في الماء ونحوه)؟
يعني مثلًا لو سقط في نار وذبحناه، ما ندري هل النار التي قتلته أم السهم فإنه لا يحل؛ لأنه اجتمع عندنا مبيح وحاظر، فيغلب جانب الحظر؛ أي: المنع؛ لأنا لا ندري أيهما الذي حصل به الموت.
لو قال قائل: لماذا لا نقول: يلزم أن ينزل إليه في البئر ويذبحه كالمعتاد؟