قال المؤلف رحمه الله:(فإن تركها سهوًا أبيحت لا عمدًا)(إن تركها) أي: التسمية، (سهوًا) فإن ذبيحته تحل، والسهو معناه: ذهول القلب عن شيء معلومٍ؛ يذهل قلب الإنسان عن أمر كان يعلمه.
وظاهر كلام المؤلف أنه إذا تركها ذاكرًا فإنها لا تحل ولو كان جاهلًا، لو كان جاهلًا لا يدري أن التسمية واجبة، وهو كذلك على المذهب، فيفرقون هنا بين الجهل والنسيان، يقول: إذا ترك التسمية ناسيًا فإنها تحل، وإن تركها جاهلًا فإنها لا تحل، وإن تركها عالمًا ذاكرًا فلا تحل من باب أولى.
فالأحوال ثلاثة؛ إما أن يتركها عالمًا بالحكم ذاكرًا لها فلا تحل. أو يتركها عالمًا بالحكم ناسيًا فتحل. أو يتركها جاهلًا بالحكم عامدًا ذاكرًا فإنها لا تحل على المذهب. فيفرقون بين الجهل والنسيان.
ما هو الدليل على أنها تسقط بالسهو؟
قال: الدليل قوله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِيْنَا أَوْ أَخْطَأْنَا}[البقرة: ٢٨٦]، وهذا نسيان، وقول النبي عليه الصلاة والسلام:«ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمُ حَلَالٌ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ إِذَا لَمْ يَتَعَمَّدْهُ»(١٢)، قالوا: هذا دليل واضح صرَّح الرسول عليه الصلاة والسلام بأن ذبيحة المسلم حلال إذا لم يتعمد، وعُلِم منه أنه إذا تعمد فليست بحلال ولو كان جاهلًا؛ لعموم الحديث.
وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم على ثلاثة أقوال –أعني: التسمية على الذبيحة- هل هي شرط أو ليست بشرط؟ فذهب بعض أهل العلم إلى أن التسمية ليست بشرط، وإنما هي مستحبة، إن سمَّى فهو أفضل، وإن لم يسمِّ فالذبيحة حلال، سواء تعمد ذلك أم لم يتعمده، وسواء كان ذاكرًا أو ناسيًا، وهذا مذهب الشافعي رحمه الله.
واستدل بقول النبي صلى الله عليه وسلم:«ذَبِيحَةُ الْمُسْلِمُ حَلَالٌ وَإِنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا». هذا قول.