الجواب عن هذا الحديث: أن الذبح صدر من أهله، والأصل في الفعل الصادر من أهله الصحة حتى يقوم دليل الفساد، وهذه قاعدة معتبرة في الشرع، ولو أن الناس كُلِّفُوا أن يعلموا شرط الحل فيمن انتقل منه لكان في ذلك من العسر والمشقة ما لا يعلمه إلا الله، لكان الرجل إذا أراد أن يبيع الشيء عليَّ قلتُ له: من أين ملكت هذا الشيء؟ وبأي سببٍ ملكته؟ لأن من شرط حل البيع أن يكون البائع مالكًا للشيء، فلا بد إذن أن أعلم هل هو مالكه، وبأي جهة ملكه أو بأي سبب، وهذا فيه من العسر والمشقة.
لو جاء رجل يريد أن يزوِّج ابنته، قال: بزوجك بنتي مثلًا، قلنا: ما يمكن، من يقول: هذه بنتك؟ لا بد تأتي بشهادةٍ تشهد أنها وُلدت على فراشك، وهذا فيه من العسر والمشقة ما لا يمكن.
فالأصل في الفعل الصادر من أهله، وأيش الأصل فيه؟ الصِّحَّة، ولو أننا قلنا: إن الأصل عدم الصحة وأنه لا بد أن نعلم بشروط الصحة لشق ذلك على الناس مشقة لا تحتمل.
ولهذا الآن لو جاءنا لحم من القصَّابين؛ من الجزارين المسلمين هل يشترط أن نعلم أنهم سموا؟
طلبة: لا.
الشيخ: احتمال أنهم لم يسموا واردٌ، ومع ذلك لا يشترط، بل نشتري ونأكل ولا نقول شيئًا؛ لأن هذه القاعدة مطَّردة؛ الأصل في الفعل الصادر من أهله الصحة ما لم يقم دليل الفساد.
والرسول عليه الصلاة والسلام لما قال:«سَمُّوا أَنْتُمْ وَكُلُوا» كأنه يشير إلى نقدٍ لاذع لهم، كأنه يقول: لستم مكلفين بفعل غيركم، الذبح ليس فعلكم، بل فعل الغير وأنتم غير مسؤولين عنه، لكن مسؤولون عما تفعلون أنتم، فأنتم سموا وكلوا، فعل اللي لغيرك ما أنت مسؤول عنه، وهذا واضح لمن تأمله.
وحينئذٍ فلا يكون في هذا الحديث دليل على سقوط التسمية؛ لا نسيانًا، ولا جهلًا، ولا عمدًا، بل سبق لنا أن قلنا: إنه دليل على وجوب التسمية، وأن التسمية قد تقرَّر عندهم أنه لا بد منها؛ ولهذا سألوا عن حلِّ أكل هذا اللحم.