فإن قلت: إذا حرَّمتَ الذبيحة التي نُسي أن يذكر اسم الله عليها فقد أضعتَ مالًا كثيرًا على المسلمين؛ لأن النسيان يرِد كثيرًا عند الفعل، ولا سيما إذا كانت الذبيحة قوية، وأراد الإنسان أن يجهز عليها بسرعة، هو تجده مع السرعة يمكن ينسى أن يقول: باسم الله، فإذا قلت: إن هذا حرام الذي نُسِي أن يذكر اسم الله عليه وأنه يجب أن يُسْحَب للكلاب والذئاب فقد أتلفت مالًا كثيرًا على الناس، والنبي عليه الصلاة والسلام نهى عن إضاعة المال؟
فالجواب: إذا كنا نخاطب المذهب نقول: أنتم تقولون: إن الرجل إذا نسي أن يُسمِّي على الصيد فالصيد حرام، هم يقولون بذلك؛ إذا نسي أن يسمي على الصيد فالصيد حرام، ولو كان الصيد من أنفس ما يكون وأغلى ما يكون، حتى لو كان ظبيًا من أحسن الظباء وأكبر الظباء وأغلى الظباء ونسي أن يسمي فإن الصيد لا يحل، مع أن الذهول عن التسمية في الصيد أكثر من الذهول عن التسمية على الذبيحة؛ لأن الصيد يأتي الإنسان بسرعة يخشى أن يفوته، لكن الذبيحة بين يديه يذبحها بهدوء، فأنتم تقولون: إنها تحل، فما الفرق؟ !
وإذا كان المخاطَب ممن يقول بسقوط التسمية نسيانًا في الصيد والذبيحة، وقال: إنكم إذا حرَّمتم ما نُسِيَ أن يذكر اسم الله عليه فقد أضعتم أموالًا كثيرة للمسلمين؟
فالجواب عن هذا: أن نقول بمنع أن يكون هذا مالًا، نقول: الذي لم يسمَّ الله عليه ليس بمال؛ لأنه ميتة، والميتة ليست بمال؛ فقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة:«إِنَّ اللَّهَ حَرَّمَ بَيْعَ الْمَيْتَةِ»(١٣)، وإذا كان كذلك فإن ما لم يسمَّ الله عليه ميتة، وإلقاؤه للسباع لا يعتبر إضاعة مال.