ثم نقول: ليس في هذا إضاعة مال على وجه الإطلاق؛ إذ من الممكن أن يؤخذ جِلْدُ هذه الميتة ويُدبغ ويكون طاهرًا؛ لأن جلد الميتة يطهر بالدباغ، ويمكن أن نأخذ صوفها نجزه، ويمكن أن نأخذ شحمها ندهن به السفن والجلود، وما أشبه ذلك من استعماله في أمرٍ لا يتعدَّى، فنحن لم نضع هذا المال مطلقًا.
ثم نقول جوابًا ثالثًا: إننا إذا قلنا ذلك حفظنا المال في الواقع؛ لأن الإنسان متى ذكر أنه سحب شاته في ذلك اليوم الذي نسي أن يسمِّي عليها فإنه في المرة الثانية لا يترك التسمية، يمكن يسمي مرتين أو ثلاثًا، أو يبدأ من يوم يسن السكين وهو يقول: باسم الله، باسم الله، باسم الله .. إلى أن يذبح.
طالب: واحد غيره.
الشيخ: واحد غيره ما فيه إلا مرة ولاحدة.
الطالب: لا أقول: غيره ( ... ) ذبيحة فلان.
الشيخ: إي، وكذلك غيره أيضًا، وكذلك غيره ينتفع بها، ينتفع به غيره، فحينئذٍ لا يكون في ذلك إضاعة مال.
وما إيراد إضاعة المال في مثل هذه المسألة إلا كإيراد من قال: إنك إذا قطعت يد السارق قطعت نصف أيدي الشعب، وبقي نصف الشعب ليس له إلا يد واحدة! نقول: هذا الذي يكون نصفُ الشعب سارقًا فيه هذا هو الشعب الذي لا تُقطع فيه اليد، أما الذي تقطع فيه اليد فإن السُّرَّاق يكثرون ولَّا يقلِّون؟ يقلِّون بلا شك، أو يعدمون.
فالحاصل أنك كلما تأملت هذه المسألة وجدت أن الصواب ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وأن التسمية لا تسقط لا سهوًا ولا جهلًا، كما لا تسقط عمدًا.
وإذا كان كذلك فإنه يبقى النظر هل يُشترط أن تكون التسمية واقعة من الفاعل أو لو سمَّى غيره ممن هو إلى جانبه كفى؟
طلبة: من الفاعل.
الشيخ: من الفاعل؟
طلبة: نعم.
الشيخ: يعني مثلًا واحد عند الذابح وقال: باسم الله، وذبح الذابح، يجزئ ولَّا لا؟
طالب: يجزئ.
طالب آخر: ما يجزئ.
طالب آخر: النية يا شيخ.
الشيخ: لا، هو ما نوى، يمكن نوى أو ما نوى، المهم أن الذي قال: باسم الله غيره؟