لكن من رحمة الله تعالى بعباده أنْ رَخَّص لهم في الحِنْث تخفيفًا عليهم، رخَّص لهم في ذلك من باب التخفيف، وإلَّا فإنَّ الأصل وجوب البِرِّ باليمين، ولهذا قال:(إِذَا حَنِثَ)، والحِنْث معناه: الإثم، كما قال تعالى:{وَكَانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ}[الواقعة: ٤٦]، إذا حَنِث فيها، ما معنى: حَنِث؟ أي: فَعَل ما حَلَف على تركه، أو تَرَك ما حَلَف على فِعْلِه، قال رجل: والله لا أزور فلانًا، فزاره، يسمى هذا؟
طلبة: حِنْث.
الشيخ: حِنْثًا، ماذا فعل؟ فَعَل ما حَلَف ..
الطلبة: على تركه.
الشيخ: على تركه، وقال: والله لأزورنَّ فلانًا اليوم، فغابت الشمس ولم يَزُرْه، هذا حَنِث؟
طلبة: نعم، حَنِث.
الشيخ: نوع الحِنْث؟ تَرَك ما حَلَف ..
الطلبة: على فِعْله.
الشيخ: على فِعْله.
إذا كان كذلك يقول:(اليَمِينُ الَّتِي تَجِبُ بِهَا الكَفَّارَةُ هِيَ اليَمِينُ بِاللهِ)، يعني (بِاللهِ) أي: بهذا اللفظ، ويَحْتَمِل أن يُراد (بالله) أي: بأي اسم من أسمائه، وهذا أحسن؛ لأنه أشملَ وأعَمّ.
مثال ذلك: واللهِ لأفعلن، والرحمنِ لأفعلن، وربِ العالمين لأفعلن، والخلَّاقِ العليمِ لأفعلن، والمنَّانِ لأفعلن، يَصْلُح ولَّا ما يَصْلح؟ كلها أَيْمَان؛ لأنني حلفت باسم من أسماء الله عزَّ وجل.
ثانيًا: قال: (أَوْ بِصِفَةٍ مِنْ صِفَاتِهِ)، سواءٌ كانت هذه الصفة خبرية، أو ذاتيةً معنوية، أو فعلية، لكنها صفة من صفاته، كوجه الله: أقسمتُ قلتُ: ووجه الله، أو أُقْسِم بوجه الله لأفعلن، يصح؛ لأن الوجه صفة من صفاته، أُقْسِم بعظمة الله لأفعلن كذا، يصح، أُقسم بمجيء الله للفصل بين عباده لأعْدِلَنَّ في القضاء بينكما، يصح؟