للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشيخ: لا تلزمه؛ لأنه يُخْبِر عمَّا يغلب على ظنه.

قال رجل لأخيه عند دخول الباب: والله لتدخل أنت، ادخل ما أدخل، قال: لا، ادخل أنت، والله لتدخل أنت، أبى ذاك، أبد ما أدخل، لو أرجع ما دخلت قبلك، يحنث الحالف؟ تلزمه الكفارة؟

طلبة: ما تلزمه، لا تلزمه.

طالب: لَغْو اليمين.

الشيخ: إي، هو قَصَد اليمين، قَصَد عَقْدَها.

طلبة: تلزمه.

الشيخ: تلزمه الكفارة؟ هذه المسألة فيها خلاف، المشهور من المذهب أن الكفارة تلزمه؛ لأنه قَصَد اليمين وحلف وحَنِث، حَنِث في يمينه.

والقول الثاني: لا تلزمه إذا كان قَصَدَ الإكرام؛ لأن الإكرام حصل بيمينه، فقوله: والله لتدخلن، كقوله: والله إني لأُكرِمُك، هذا هو المقصود؛ لأنه ما له هدف في أن يدخل قبله إلَّا ..

طلبة: الإكرام.

الشيخ: إلَّا الإكرام، فكأنه حلف على الإكرام الحاصل.

قالوا: وعلى هذا يُخَرَّج قصة أبي بكر رضي الله عنه، لما قَدَّم الطعام للضِيفان، قالوا الضِيفان: كل أنت، قال: والله ما آكل -يقول أبو بكر- قالوا لزوجته: كُلِي، قالت: والله ما آكل، قال الضِيفان: والله ما نأكل، حلفوا كلهم، فقال أبو بكر رضي الله عنه: هذا من الشيطان، أنا اللي آكل، فتقدم أبو بكر وأكل، وأكلوا بعد ذلك، فلما أصبحوا غَدَوْا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي بكر: «أَنْتَ خَيْرُهُمْ وَأَبَرُّهُمْ»، (٣) ولا أمره بالكفارة.

هذا الحديث اختلف فيه العلماء؛ فبعضهم قال: لم يأمره بها؛ لأن الكفارة معلومة، وهنا فِعْلُ أبي بكر من باب الحِنْث في اليمين إذا كان خيرًا، حَنِث في اليمين؛ لأنه خير، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الرحمن بن سَمُرَة: «إِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكِ، وَائْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ»، (١) فهذا من باب أيش؟ الحِنْث للخير، والكفارة تسقط به ولَّا ما تسقط؟

طلبة: ما تسقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>