أولًا يجب أن نعرف أن العلماء ذكروا أن من العيب التعريف بالعدم أو بالنفي؛ لأن التعريف بالعدم أو بالنفي ما يعطي الصورة؛ لأنه يقتضي رفع هذا المنفي، ولكن ما الذي يحل محله؟ إذا قيل:(لم يغلب مجازُه على حقيقتِه) هذا تعريف بالنفي، وهو لا يحدد المعرَّف، المعرَّف لا بد أن يكون عن طريق الإثبات؛ الإيجاب، أما النفي فإنه -كما قيل- نفي؛ عدم.
ولهذا التعريف الصواب لـ (الحقيقي) أن يقال: هو اللفظ المستعمل في حقيقته اللغوية، هذا التعريف، مستعمل في الحقيقة اللغوية، أو إن شئت فقل: اللفظ الذي اسْتُعْمِل فيما وُضِعَ له لغةً، هذا هو الحقيقي.
فإذا لم يكن لهذا اللفظ حقيقة شرعية حملناه على الحقيقة اللغوية، مثاله:(اللحم)، كلمة اللحم هي حقيقةً: الهبر، تعرفون الهبر؟
طلبة: نعم.
الشيخ: طيب، هذا هو اللحم في الحقيقة اللغوية، أما الكرش والكبد والطحال والشحم والودك وما أشبه ذلك فليس بلحم حسب اللغة العربية؛ ولهذا قال المؤلف:(لو حلف لا يأكل اللحم فأكل شحمًا)، قال: واللهِ لا آكل لحمًا أبدًا، فجاؤوا إليه بسنام بعير فأكل حتى شبع من هذا السنام، يحنث ولَّا لا؟
طلبة: لا يحنث.
الشيخ: ليش؟ لأن هذا في اللغة العربية ليس بلحم، هذا شحم، قال الله تعالى:{وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا}[الأنعام: ١٤٦]، وهذا يقتضي أن الشحوم غير اللحوم، وإنما هي بعض من الحيوان؛ ولهذا قال:{وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا}، فهذا الرجل لا يحنث.
كذلك لو أكل مخًّا، هو يؤكل المخ؟
طلبة: إي نعم.
طالب:( ... ) أحلى من اللحم.
الشيخ: إي نعم، أكل مخًّا، قال: والله لا آكل اللحم، فأكل مخًّا، فإنه لا يحنث؛ لأن المخ لا يسمى لحمًا.
أكل كبدًا لا يحنث أيضًا؛ لأن الكبد في اللغة العربية ليست بلحم.