الشيخ: لا يحنث؛ لأن ذاك استهلك وزال، زال أثره وطعمه ولونه، ودليل ذلك قول الرسول عليه الصلاة والسلام:«إِنَّ الْمَاءَ طَهُورٌ لَا يُنَجِّسُهُ شَيْءٌ، إِلَّا مَا غَلَبَ عَلَى طَعْمِهِ، أَوْ لَوْنِهِ، أَوْ رِيحِهِ بِنَجَاسَةٍ تَحْدُثُ فِيهِ»(٨)، ومن هنا نعرف أن ما يقال عنه من الأطياب: إنه قد خلط بكحول -بأشياء مسكرة- أنه إذا كان هذا الخلط جزءًا يسيرًا فإنه؟
طالب: لا يؤثر.
الشيخ: لا أثر له، لا يجعله خمرًا، ولا نجسًا، على رأي من ينجسه، وإن كان الصواب أن الخمر -أصلًا- ليس بنجس.
إذا قال قائل في المسألة الأخيرة: ماذا نصنع بقول الرسول عليه الصلاة والسلام: «مَا أَسْكَرَ كَثِيرُهُ فَقَلِيلُهُ حَرَامٌ»، «مَا أَسْكَرَ مِنْهُ الفَرَقُ فَمِلْءُ الْكَفِّ مِنْهُ حَرَامٌ»(٩)، ماذا نصنع بهذا الحديث؟
نقول: معنى الحديث: أنه لو كان هناك شراب إن شربت قليلًا منه لم تسكر، وإن شربت كثيرًا سكرت، فإنه يحرم عليك القليل والكثير، حتى القليل الذي لا يسكرك يحرم عليك؛ لأن شرب هذا القليل الذي لا يسكر يتدرج به الإنسان إلى أن يشرب كثيرًا يسكر، وليس معنى الحديث: ما اختلط فيه قليل من مسكر فإنه يحرم، ليس هذا معنى الحديث، ولا يمكن أن يُفْهَم الحديث على هذا الوجه، بل معنى الحديث: أن هذا الشراب إن كان أنك إذا أكثرت منه سكرت فقليله حرام.
وإن كان إذا شربت منه القليل سكرت؟
طلبة: من باب أولى.
الشيخ: إي من باب أولى.
يقال: إن هذه البيرة الموجودة بالسوق أن فيها خلط من الكحول، يقال هكذا، نبنيها على هذه المسألة؛ إن كان الخلط يسيرًا فإنه لا يؤثر، إذا كان هذا الخلط يسيرًا بحيث يستهلك في الشعير الذي فيها فإنه لا يؤثر، وإن كان كثيرًا فإنه يحرم قليلُها وكثيرُها.
لو قال قائل: إن الإنسان لو شرب منها خمسة قوارير تبلتع، ويش معنى تبلتع؟