للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسبق أيضًا أنه يخلف النبي صلى الله عليه وسلم بالعمل؛ بحيث يكون قدوة صالحة في دينه ومعاملته وأخلاقه وآدابه ووقاره وجميع أحواله؛ لأن الناس على دين أئمتهم، ولهذا تجد المدرسة إذا كان مديرها مستقيمًا صار الغالب على أساتذتها وعمالها وطلابها الاستقامة، والعكس بالعكس.

والاستقامة الشخصية دعوة في الواقع دعوة إلى الخير وإلى الحق، بل قد تكون الاستقامة الشخصية أقوى تأثيرًا من القول، فإننا نجد كثيرًا من الناس يقول بلسان طليق فصيح مبين، ولكن لا يُتَّخَذ أسوة؛ لأن فعله يخالف قوله.

لكن إذا علم الناس أن هذا الرجل يقول عن صدق وأن باطنه كظاهره صار أسوة للناس وإمامًا.

الثالث: الدعوة؛ وقلنا: إن هذه الدعوة تتضمن عدة أمور:

أولا: الاتصال بزعماء الكفر عن طريق الكتابة أو المشافهة أو الرسول يدعوهم إلى دين الله عز وجل؛ يعني: لا تبرأ الذمة بالنسبة لولاة أمور المسلمين لا تبرأ ذمتهم إذا سكتوا، بل لا بد أن يَدْعوا رؤساء الكفر إل دين الله عز وجل اقتداء بمن؟ برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فإنه كاتَب الملوك والزعماء والأمراء في عهده، كتب إلى المقوقس في مصر، وإلى هرقل في الشام، وإلى كسرى في العراق، وإلى غيرهم، وهكذا.

وهذا من وظائف الإمام، فإن لم يباشره بنفسه، فليجعل من يباشره وينوب عنه، بأن يُكَوِّن لجنة من أهل العلم يتولون هذا الأمر، ويكون لديهم العلم بالشرع والواقع وسعة الأفق، وحسن الأسلوب، وعرض الدين الإسلامي على الوجه الأكمل الذي يجعل القلوب تميل إليه كما أنه دين فطرة.

كذلك أيضًا مما يتصل بالدعوة، حماية الإسلام بالدفاع عنه بكل ما يستطيع؛ أولًا: الحماية بمنع ما ينقص الإسلام أو ينقض الإسلام، منع ما ينقص الإسلام أو ينقضه، هذا واحد؛ وذلك بمنع الحرب التي تقام بين حين وآخر -إن صح أن أقول: بين حين وآخر- لأن الصواب أن الحرب قائمة بين الإسلام والكفر منذ بدأ الإسلام، أليس كذلك؟

<<  <  ج: ص:  >  >>