للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحال الثالثة ألا ينقضوا العهد، ولكننا لا نأمنهم، نخاف منهم نقض العهد، فهؤلاء نعاملهم معاملة وسطًا، بأن ننبذ إليهم عهدهم، فنقول: ليس بيننا وبينكم عهد، والعهد الذي بيننا وبينكم مفسوخ منبوذ؛ دليل ذلك قوله تعالى: {وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} [الأنفال: ٥٨]، هذه أحوال مَن؟ المعاهدين؛ ثلاث حالات.

أهل الذمة: هم الذين عقدنا لهم الذمة التي تتضمن حمايتهم وإعطاءهم حقوقهم الشرعية على أن يبذلوا لنا الجزية، الجزية يعني: شيء يجعله الإمام على كل واحد منهم، وتفصيلها معروف في كتب الفقه، هؤلاء يجب علينا نحوهم أن نعطيهم كل الحق الذي يقتضيه عقد الجزية، أو عقد الذمة على الأصح.

الرابع: المستأمنون الذين طلبوا الأمان على أنفسهم وأموالهم لمدة معينة، هؤلاء دون المعاهدين، ودون أهل الذمة، وفوق الحربيين؛ ولهذا يصح الأمان حتى من غير الإمام؛ لقول النبي عليه الصلاة والسلام: «قَدْ أَجَرْنَا مَنْ أَجَرْتِ يَا أُمَّ هَانِئٍ»، (٩) يمكن لأي واحد من الناس يُدْخِل أحدًا من الكفار إلى بلاد الإسلام بأمان، وما دام مُؤَمِّنًا له فإنه لا يجوز لأحد أن يعتدي عليه؛ دليل هذا قوله تبارك وتعالى: {وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ} [التوبة: ٦].

المهم أن الإمام يقوم بهذه الأمور الأربعة: العلم، والعمل، والدعوة، والسياسة، وذكرت ما الذي يتفرع على الدعوة.

المؤلف يقول: (يلزم الإمام أن يَنْصِب)، طيب، مَنِ الذي ينصب الإمام؟

يكون نَصب الإمام بواحد من أمور ثلاثة؛ إما أن يعهد به الخليفة السابق، وإما أن يجتمع عليه أهل الحل والعقد، وإما أن يأخذ ذلك بالقوة والقهر.

<<  <  ج: ص:  >  >>