مثال الأول: عهد أبي بكر رضي الله عنه إلى عمر بالخلافة، أعرفتم؟ إذن ثبتت خلافة عمر بعهد أبي بكر، ولكن يجيء الشيطان الذي يقول للإنسان: مَنْ خلق الله، يقول: من خلَّف أبا بكر؟
طلبة: اجتماع المسلمين.
الشيخ: هذه المسألة، نقول: خلَّف أبا بكر رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، ولكن يُشْكِل على هذا أن يقول قائل: أين النص من الرسول عليه الصلاة والسلام؟ هل قال لأبي بكر: أنت خليفتي على أمتي؟ بهذا اللفظ: لا.
قال بعضهم: خَلَّفه بالإشارة؛ يعني: فعل أفعالًا تشير إلى أنه الخليفة من بعده.
وقال آخرون: بل ثبتت خلافته بإجماع أهل الحل والعقد؛ لأن الصحابة أجمعوا على ذلك.
والصحيح أن خلافته ثبتت بالنص؛ إما صريحًا، وإما إيماء وإشارة.
فلننظر، خلَّف النبيُّ صلى الله عليه وسلم أبا بكر إمامًا للناس في مرض موته في الصلاة، حتى إنه لما دَعَوْن عمر غضب، وقال:«إِنَّكُنَّ صَوَاحِبَاتُ يُوسُفَ»(١٠) يعني: زوجاته اللاتي دعون عمر، ثم أمر أن يُدْعَى أبو بكر، فجاء فخلفه على أمته في الصلاة.
يلزم الإمام أن يَنْصِبَ في كلِّ إقليمٍ قاضيًا، ويَختارُ أَفْضَلَ مَن يَجِدُه عِلْمًا ووَرَعًا، ويَأْمُرُه بتَقوى اللهِ، وأن يَتَحَرَّى العدْلَ ويَجتهِدَ في إقامتِه فيَقولَ:" وَلَّيْتُكَ الْحُكْمَ" أو " قَلَّدْتُكَ " ونحوَه، ويُكاتِبُه في البُعْدِ.
وتُفيدُ ولايةُ الحكْمِ العامَّةِ الفصْلَ بينَ الخصومِ وأَخْذَ الحقِّ لبَعضِهم مِن بعضٍ، والنظَرَ في أموالِ غيرِ الْمُرْشَدِينَ، والحَجْرَ على مَن يَستوجِبُه لسَفَهٍ أو فَلَسٍ، والنظَرَ في وُقوفِ عمَلِه ليعملَ بشَرْطِها، وتَنفيذَ الوَصايَا، وتزويجَ مَن لا وَلِيَّ لها، وإقامةَ الحدودِ، وإمامةَ الجُمُعَةِ والعيدِ , والنظَرَ في مصالِحِ عمَلِه بكَفِّ الأَذَى عن الطُّرُقاتِ وأَفْنِيَتِها ونحوَه، ويَجوزُ أن يُوَلَّى عُمومَ النظَرِ في عُمومِ العمَلِ وأن يولِّيَ خاصًّا فيهما أو في أحدِهما.