للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فأما قوله تعالى: {قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ حَتَّى يُعْطُوا الْجِزْيَةَ عَنْ يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ} [التوبة: ٢٩]، فإن هذا لا يمنع أن يتعدى الحكم إلى غيرهم، لا سيما أنه قد ثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر، (٧) وثبت في صحيح مسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أمَّرَ أميرًا على جيش أو سرية أوصاه بمن معه من المسلمين خيرًا، وذكر الحديث، وفيه أنه إذا لقي عدوه دعاه إلى الإسلام، فإِن أبى أخذ منه الجزية، فإن أبى قاتله، وهذا عام، بل قال: «إِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ»، (٨) وهذا هو الصحيح أن الجزية تُؤخَذ من كل كافر. هؤلاء الحربيون.

صار الحربيون ما لنا فيهم إلا حالان؛ القتال، أو الاستسلام للجزية، إلا إذا أسلموا.

ثانيًا: المعاهدون، الذين نعقد بيننا وبينهم عهدًا ألا يعتدوا علينا، ولا نعتدي عليهم، وألا يعينوا علينا ولا نعين عليهم، وهؤلاء لا يخلو أمرهم من ثلاث حالات، إذا عاهدناهم لا يخلو أمرهم من ثلاث حالات:

إما أن يستقيموا على العهد وينفذوه تمامًا، وفي هذه الحال يجب علينا أن نستقيم لهم؛ لقوله تعالى: {إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُّمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ فَمَا اسْتَقَامُوا لَكُمْ فَاسْتَقِيمُوا لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: ٧]، والوفاء بعهدهم لا شك أنه من محاسن الإسلام.

الحال الثانية أن يخونوا وينقضوا العهد، وفي هذه الحال يكونون حربيين، يعني: ينتقض عهدهم؛ ودليل ذلك ما جرى لقريش حين عاهدهم النبي صلى الله عليه وسلم في الحديبية، ومن جملة شروط العهد ألا يعينوا حلفاءهم على حلفائه، فنقضوا العهد بأن أعانوا حلفاءهم على حلفاء النبي صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>