فالجواب على هذا أن نقول: هذا نص من النصوص المتشابهة، والأدلة التي ذكرناها لأبي بكر من النصوص المحكمة، وأهل العلم الراسخون فيه، يردون المتشابه إلى المحكم؛ لتكون النصوص كلها محكمة، ولا يَتَّبِع المتشابه ويُعرض عن المحكم إلا من زاغ قلبه، أو إلا من كان في قلبه زيغ؛ لقول الله تعالى:{فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ}[آل عمران: ٧].
إذا قال قائل: كيف نُزيل مشتبه هذا الحديث؟
الجواب: أن الرسول عليه الصلاة والسلام لم يصرح بأن عليًّا هو الخليفة من بعده، بل قال:«أَنْتَ مِنِّي بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى»، حين خلفه على أهله، كما خلف موسى هارون على قومه في حياته، وهذا كالاستنابة والوكالة؛ يعني كما لو غاب إنسان إلى بلد، وقال لشخص آخر: اخلفني في أهلي، اقضِ حوائجهم، فإن هذا لا يعني أنه وصي من بعده.
يدل على أنه نائبه في حياته لمدة محدودة، أما الخلافة فإنها تكون بعد موت الأول نهائيًّا ومفارقته الدنيا، ولا يمكنه أن يعزل الخليفة من بعده؛ لأنه ميت، أما هذا فيمكن أن يعزله، ولا ما يمكن؟ يمكن، يرسل له يقول: رفعت خلافتك على أهلي، فهذه لا تعني الخلافة العامة، وإذا ثبتت خلافة أبي بكر ثبتت خلافة عمر، وإذا ثبتت خلافة عمر ثبتت خلافة عثمان؛ ولذلك الرافضة لا يُقرُّون بخلافة أبي بكر؛ لأجل أن يهدموا خلافته، وخلافة عمر، وخلافة عثمان، وينتهوا إلى خليفة لم يُخلَّف، إلى خليفة هو بنفسه بايع رضي الله عنه، بايع لأبي بكر ولعمر ولعثمان أيضًا، وكان هو نفسه يقول: إِنَّ خَيْرَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بَعْدَ نَبِيِّهَا أَبُو بَكْرٍ، ثُمَّ عُمَرُ (٥). إذن تثبت الخلافة بماذا؟ بالنص؛ يعني نص الخليفة الأول على أن الخليفة بعده فلان.