الشيخ: بالأحكام الشرعية، بل نقول: بالأحكام الشرعية وبأحوال الناس، أفهمتم؟ بل ولنا أن نزيد: الذكاء والفراسة؛ لأن الذكاء والفراسة مهمان في مسألة القضاء؛ علم بالشرع، علم بأحوال الناس، ويش بعد؟
طلبة: ذكاء وفراسة.
الشيخ: ذكاء وفراسة؛ لأن الذكاء والفراسة لهما أهمية في هذا المقام، إذ إن الناس فيهم المحق وفيهم المبطل، وفيهم من يعجز عن التعبير، وفيهم من هو فصيح بليغ، فيضيع الحق إذا لم يكن عند القاضي علمٌ بأحوال الناس، وفراسةٌ وذكاء.
ولا يخفى عليكم قصة سليمان وداود في المرأتين اللتين خرجتا إلى البر ومعهما ابنان لهما، فأكل الذئب ابن الكبيرة، فجاءتا إلى داود عليه الصلاة والسلام تحتكمان إليه، فحكم بالابن للكبيرة، لعله ظن عليه الصلاة والسلام أنها أقرب إلى الصدق، أو قال: هذه صغيرة يمكن أن تلد فيما بعد، وهذه كبيرة قد تتوقف عن الولادة، وهي أحق بالشفقة. المهم أنه قضى بالولد للكبرى، ثم خرجتا من عنده وصادفهما سليمان عليه الصلاة والسلام، وسألهما فقالتا: كذا وكذا، قال: لا، الحكم أن آتي بالسكين فأشقه نصفين؛ فتأخذ الكبيرة نصفه، والصغيرة نصفه، الكبيرة قالت: ما فيه مانع، الكبيرة، شقه نصفين، وأعطني النصف ولهذه النصف، كل واحد يروح بزبيل لحم، أما الصغيرة قالت له: يا رسول الله، لا تشقه، هو لها (٦). الفراسة الآن تعطي أيش؟
طلبة: الصغيرة.
الشيخ: أنه للصغيرة، الدليل؟
الطلبة: الحنان.
الشيخ: الحنان والشفقة، هاذيك ابنها مأكول، خلِّ هذا يروح معها؛ الكبيرة، أما الصغيرة فأخذتها الشفقة والحنان وقالت: هو لها، فحكم به للصغيرة.
وقصص الذكاء في القضاة قصص كثيرة، ذكر ابن القيم رحمه الله في الطرق الحكمية جملةً صالحة منها، من الذكاء في أقضية القضاة.
المهم (يختار أفضل من يجده علمًا) بالشريعة، ويش بعد؟ وبأحوال الناس، وذكاءً وفراسة.