الشيخ: يمكن يقول المُدَّعِي: أنا أدَّعي على فلان بن فلان بعشرة آلاف ريال، فيقول القاضي: ماذا تقول؟ فيقلِّد ذاك صوتَ المُدَّعَى عليه يقول: نعم، عندي له عشرة آلاف ريال، فبناءً عليه يَحْكُم، فيقولون: إنه لا يعرف المُدَّعِي من المُدَّعَى عليه، وتشتبه عليه الأصوات، فربما يَحْكُم لِمَنْ ليس له الحق بسبب ذلك.
ولكن هذا التعليل عليل في الواقع؛ لأننا نشاهد أن الأعمى يُدْرِك بحسه السمعي أكثر مما يُدْرِك البصير بحسه السمعي، وعنده إدراك قوي بحاسة السمع، ويعرف الأصوات، وأما معرفة مَنْ هو المُدَّعِي مِن المُدَّعَى عليه فهذا حاصل لكل أحد، المُدَّعِي مَنْ إذا سكت تُرِك، والمُدَّعَى عليه مَنْ إذا سكت لم يُترك.
فالصحيح أنه لا يُشترط أن يكون بصيرًا، وأن الأعمى يصح أن يكون قاضيًا، صحيح أن البصير أكمل لكن كونه شرطًا بحيث إذا لم نجد إلَّا أعمى فإننا لا نوليه فهذا غير صحيح.
قال:(مُتَكَلِّمًا) لماذا؟
طالب: الأخرس ما ينطق.
الشيخ: لأن الأخرس إذا كان قاضيًا كيف يكلم الخصمين؟
طالب: بالإشارة.
الشيخ: يقول: لا بد ينطق؛ لأن المسألة تحتاج إلى تصريح مفهوم، والإشارة قد تكون مفهومة، وقد تكون غير مفهومة.
طيب، إذا كان يكتب؟
إذا كان يكتب فإنه يزول المانع في الواقع؛ لأن الكتابة تعبِّر عما في القلب كما يعبِّر اللسان عما في القلب، فإذا كان يستطيع أن يكتب فلا شك أنه يجوز أن يكون قاضيًا، صحيح أن النُّطْق أسرع من الكتابة، لكن إذا وجدنا هذا الرجل أهلًا للقضاء ولم يبقَ عليه إلَّا النُّطْق فلا يمكن أن نمنعه القضاء من أجل أنه لا ينطق، ونقول: يكتب ويشير، والإنسان الملازم للشخص يعرف إشارته كما يعرف نُطْقَه بلسانه، وهذا شيء مُشاهَد.